السبت، 01 صفر 1447 ، 26 يوليو 2025

باحث بمرصد الأزهر: هذا ما تفعله الجماعات المتطرفة لخدمة العنف

خالد الشاذلي الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف
خالد الشاذلي الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف
أ أ
techno seeds
techno seeds
قال خالد الشاذلي، الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن من أبرز الأخطاء المنهجية التي تقع فيها التنظيمات المتطرفة هو إهمال السياق التاريخي، حيث تسقط وقائع الماضي على الحاضر دون فهم لطبيعة ظروفها الزمانية والجيوسياسية. 

وأوضح الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال حلقة برنامج "فكر"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن العديد من الحروب التي شهدها التاريخ الإسلامي وقعت ضمن سياقات سياسية وجغرافية خاصة، تختلف جذريًا عن طبيعة الصراعات اليوم، مشيرًا إلى أن تلك الفتوحات لم تكن دعوة مفتوحة للعنف، بل كانت منضبطة بضوابط شرعية واضحة كقوله تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين".

وأضاف أن الجماعات المتطرفة تتعمد إخضاع التاريخ الإسلامي لاحتياجات أيديولوجية معاصرة، فتقوم بتبرير العنف الحاضر من خلال سيرة السلف، دون مراعاة للفروق الجوهرية بين واقع القرن السابع الميلادي والعصر الحديث.

وأبرز مثال على ذلك هو قضية الخلافة، حيث تصر هذه الجماعات على التمسك بالشكل القديم لنظام الحكم، في حين أن التاريخ نفسه يبين تعدد الأشكال السياسية وتطور نظم الحكم، حتى في العصر الواحد، بما يؤكد أن تجاهل السياق يؤدي إلى استنتاجات وأحكام خاطئة.

وأشار الباحث بمرصد الأزهر إلى خطأ آخر وقعت فيه هذه الجماعات، وهو التعامل مع التاريخ الإسلامي باعتباره أسطورة مقدسة، حيث يتم تحويل بعض الشخصيات والأحداث إلى رموز خارقة تتجاوز النقد، مثل عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد والقعقاع بن عمرو، وصلاح الدين الأيوبي وسيف الدين قطز، وغيرهم من الأبطال. 

وأكد أن هذا التقديس مخالف تمامًا لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم، الذي تبرأ من بعض التصرفات الخاطئة لصحابته، كما حدث مع خالد بن الوليد وأسامة بن زيد، مما يدل على أن العبرة ليست بالأشخاص بل بمدى التزامهم بالشريعة.

وأوضح الشاذلي أن هذا التقديس الزائف يمتد إلى معارك التنظيمات المعاصرة، حيث يُشبّهون صراعاتهم الداخلية بمعارك الإسلام الكبرى مثل بدر وأُحد والقادسية، في تضليل واضح للرأي العام ولعناصرهم، بهدف استقطاب المزيد من الأتباع وتحفيزهم على القتل والدمار.

وأكد أن التاريخ الإسلامي لا يُختزل في الصدام، بل هو تاريخ حضارة أغنت البشرية في مجالات شتى من الفنون والعلوم والفكر والفلسفة، غير أن القراءة المتطرفة تسعى لإلغاء هذا البُعد الحضاري وتُقدِّم الماضي فقط في صورة مشاهد قتال مغلّفة بالقداسة.

وأكد على أن نقد القراءة المتطرفة للتاريخ واجب معرفي وأخلاقي، لا يتحقق إلا بالعودة إلى مناهج علمية صارمة في دراسة الوقائع، مع استحضار القيم العليا للإسلام: العدل، الرحمة، والتعارف بين البشر.
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة