تعد الزراعة في مصر من أكثر القطاعات تأثرًا بالتغيرات المناخية، حيث ينعكس ارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها وقلة المياة على إنتاجية المحاصيل وجودتها. ويؤدي ذلك إلى تقليص الرقعة الزراعية الصالحة، وتهديد الأمن الغذائي.
كما تتأثر المحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والذرة والأرز بتغير مواعيد الزراعة والنضج،بالاضافة لظهور حشرات وآفات وامراض جديدة تؤثر عى المحاصيل الزراعية ، ما يفرض تحديات كبيرة على المزارعين، ويجعل من التكيف مع هذه التغيرات عبر استخدام أصناف مقاومة وتبني أنظمة ري حديثة وإدارة مستدامة للموارد أمرًا ضروريًا لضمان استمرارية الإنتاج الزراعي.
أكد الأستاذ شاكر أبو المعاطي، أستاذ المناخ بمركز البحوث الزراعية، أن تغير المناخ بات يؤثر بشكل واضح ومباشر على القطاع الزراعي في مصر منذ عدة سنوات، وهو ما ينعكس سلبًا على إنتاجية المحاصيل وانتشار الأمراض والآفات، ويؤدي في النهاية إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق، ما يزيد الأعباء على المواطنين والمزارعين على حد سواء.
قال الأستاذ شاكر أبو المعاطي في تصريحات خاصة لـ "اجري نيوز", إن التغيرات المناخية أصبحت تمثل تحديًا كبيرًا يواجه الزراعة في مصر، موضحًا أن تأثير المناخ لا يقتصر فقط على درجات الحرارة أو توقيت سقوط الأمطار، بل يمتد ليؤثر على دورة حياة النباتات، ويؤدي إلى نقص الإنتاجية وانتشار الأمراض والآفات الزراعية.
وأشار إلى أن عددًا من المحاصيل الاستراتيجية تأثرت خلال السنوات الماضية نتيجة هذه التغيرات، ومن بينها الزيتون، والبنجر، والطماطم، والقمح، والعنب، مؤكدًا أن هذه المحاصيل شهدت تراجعًا ملحوظًا في الإنتاج، مع ظهور آفات جديدة لم تكن معروفة من قبل، مثل دودة الحشد الجياشة التي ظهرت في عام 2019، وتؤثر بشكل كبير على محصول الذرة وغيره من المحاصيل، بالإضافة إلى آفات تؤثر على الطماطم، وغيرها من الخضروات.
وأوضح "أبو المعاطي" فى تصريحات خاصة أن بعض المناطق في الجمهورية بدأت تشهد انتشارًا واسعًا للأمراض النباتية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات الرطوبة، مما خلق بيئة مناسبة لنمو الفطريات والبكتيريا الضارة.
وأضاف أن المزارعين اضطروا إلى تغيير مواعيد الزراعة التقليدية تماشيًا مع التقلبات المناخية؛ فمثلًا كانت زراعة البطاطس في محافظة المنيا ووجه بحري تبدأ في شهر أغسطس، بينما باتت تُؤجل الآن إلى أواخر سبتمبر بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، مما يؤثر بدوره على دورة الإنتاج وكفاءة المحصول.
وأكد أستاذ المناخ أن تغير المناخ لا يؤثر فقط على النبات، بل يمتد تأثيره إلى التربة وجودتها، مما يتطلب جهودًا مضاعفة من الدولة والمزارعين على حد سواء، من خلال تبني أنظمة زراعية مرنة، واستخدام تقنيات ري حديثة، والتوسع في زراعة أصناف مقاومة للحرارة والجفاف، للحد من تأثير هذه التغيرات وضمان استدامة الإنتاج الزراعي في مصر.
