قال الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر الشريف، إنّ ظاهرة إسناد الموبايل للأطفال كـ«مهدئ» أو «رشوة» أصبحت منتشرة في كثير من الأسر المصرية، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تشكّل اعتمادية مبكرة على الشاشات تؤثر سلباً في نمو الطفل السلوكي واللغوي.
وأضاف المهدي، خلال حلقة برنامج "راحة نفسية"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء: «كثير من الأهالي يلجأون لإعطاء الطفل التليفون كي يهدأ أو ليأكل، والتكرار المستمر للتحكّم بالانتباه عبر الشاشة يغيّر مسارات الدماغ عند الطفل في سنواته الأولى. هذا ليس بالتبعية توحداً، لكن نتائجه قد تظهر كضعف في الانتباه، تأخر في اللغة، ونقص في التفاعل الاجتماعي إذا استمر التعرض لفترات طويلة».
وتابع أستاذ الطب النفسي: «عندما يصبح الموبايل الوسيلة الوحيدة لتهدئة الطفل، نصبح أمام إدمان سلوكي — الطفل يتعلم أن البكاء أو الإلحاح يوفّر له الشاشة، فيتكرر السلوك. وهذا يختلف جذرياً عن علامات طبية لاضطراب طيف التوحد التي تتطلب تقييماً متخصصاً».
ودعا المهدي الأسر إلى اتخاذ إجراءات عملية وفورية لتقليل الاعتماد على الشاشات عند الأطفال، مقترحاً خطوات بسيطة: تحديد أوقات لا تُستخدم فيها الشاشات (خلال الوجبات، قبل النوم، أثناء اللعب التفاعلي)، استبدال الموبايل بأنشطة بديلة محفزة (كتب مصورة، ألعاب حسّية، أغاني حركية)، وثبات القواعد من جميع أفراد الأسرة.
ونبّه إلى أنّ مقاومة بكاء الطفل في مرحلتي التقليل التدريجي ضرورية: «البكاء وحده لا يضر الطفل، لكن الاستجابة الفورية بالهدايا أو الشاشة تعزّز الاعتمادية، يحتاج الأهل لصبر وثبات، ومع الوقت سينخفض الاعتماد ويعود التفاعل الطبيعي».
وختم الدكتور المهدي قائلاً: «لو لاحظ الأهل تأخراً واضحاً في الكلام، قلة استجابة لاسمه، أو تراجعاُ في مهارات كانت موجودة سابقاً، فعليهم مراجعة طبيب أطفال أو أخصائي نمو لتقييم دقيق. وأؤكد: الوقاية بتقليل الشاشات أفضل بكثير وأسهل من علاج آثارها لاحقاً».



