أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أن الخطر الحقيقي الذي يواجه المجتمعات لا يقتصر على مجرد انتشار الذنوب بل يكمن في التلاعب بالألفاظ.
وأوضح جمعة عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" أن الذنوب والمعاصي كانت موجودة حتى في العصور الإسلامية الأولى وبين الصحابة، ولم يخلُ منها عصر. لكن الخطر الأعظم يظهر حين تُسمى الذنوب بغير أسمائها، مما يزين قبحها في عيون الناس ويدفعهم إلى ارتكابها.
وأضاف أن هذه الظاهرة تؤدي إلى استحلال الحرام وتحريم الحلال، والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، وهو ما يتعارض مع مراد الله سبحانه وتعالى. واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: « إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِى يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا ».
وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن التلاعب بالألفاظ له أثر كبير على استحلال الذنوب، كما أنه ينعكس سلبًا على منهج التفكير وإمكانية إدارة الحوارات والمناقشات، إذ يتسبب في خلق حالة من الصراع الفكري والعقائدي.
وضرب مثالًا على ذلك بتسمية تعري المرأة وإظهارها أجزاء من جسدها بـ"الجمال والجاذبية"، في حين يسميه الإسلام "كشفًا للعورة". وأوضح أن هذا التوصيف الخاطئ يجعل البعض يعتقد أن الإسلام يرفض جمال المرأة، مما يؤدي إلى كراهية الدين وعلماءه دون وعي.
ولفت إلى أن هذا التوصيف غير صحيح، فالإسلام استحب للمرأة أن تتجمل وتظهر جمالها، ولكن في إطار التكليف الشرعي وفي حدود الحياة الزوجية. ويهدف الإسلام بذلك إلى صيانة المرأة، وأنها ليست جمالًا مباحًا لكل أحد، بل تتزين وتتجمل لمن اختارت وأرادت، في إطار العقد الشرعي.
وبين جمعة أن هذا التلاعب بالألفاظ أدى إلى أن المرأة التي تكشف عورتها قد تعتقد أن ما تفعله لا يخالف الدين الإسلامي، وأنه لم يأمرها بتغطية جسدها، فإيمانها بأن الدين الإسلامي أمر بكل جميل، جعلها تعتقد أن كشف العورة هو جزء من هذا الجمال. وأكد أن تحريف معنى كلمة "الجمال" واستخدامها للدلالة على كشف العورة المحرم، أوجد هذا الخلط عند بعض نساء المسلمين.
وفي ختام منشوره، دعا الدكتور علي جمعة قائلًا: "نسأل الله أن يتوب علينا وعلى جميع المسلمين، وأن يبصّرنا بالحق ويرزقنا اتباعه".