أ
أ
يعتبر مشروع الربط البحري بين ميناء صحار بسلطنة عُمان وميناء العين السخنة على البحر الأحمر أحد أبرز محاور التعاون الاقتصادي العربي خلال المرحلة المقبلة، في ظل ما يتمتع به الميناءان من بنية تحتية متطورة ومقومات عالمية تؤهلهما للقيام بدور محوري في دعم حركة التجارة الإقليمية والدولية وتعزيز سلاسل الإمداد.
أولًا: ميناء صحار والمنطقة الحرة.. مركز ثقل للتجارة العُمانية
يعد ميناء صحار والمنطقة الحرة التابعة له أحد أهم المراكز التجارية واللوجستية في سلطنة عُمان، حيث يمر من خلاله أكثر من 80% من إجمالي الصادرات والواردات العُمانية.
وقد نجحت منظومة الميناء المتكاملة، التي تشمل قطاعات اللوجستيات والمعادن والبتروكيماويات والصناعات الغذائية، في جذب استثمارات تجاوزت 30 مليار دولار.
ويضم الميناء والمنطقة الحرة نحو 1900 شركة تعمل في صناعات متنوعة، من بينها الصناعات الدوائية والبتروكيماوية والمعدنية والبلاستيكية، إضافة إلى صناعات الطاقة النظيفة والأنشطة اللوجستية والتخزين.
كما يوفر الميناءان ما يقرب من 42 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، مع تداول سنوي يتجاوز 75 مليون طن من البضائع، واستقبال أكثر من 3 آلاف سفينة سنويًا.
ثانيًا: ميناء العين السخنة: بوابة استراتيجية على التجارة العالمية
في المقابل، يتمتع ميناء العين السخنة بموقع استراتيجي فريد عند المدخل الجنوبي لقناة السويس، وعلى أحد أهم ممرات التجارة العالمية، ويعمل بالميناء أكبر مشغلي الموانئ في العالم، إلى جانب كبرى الخطوط الملاحية الدولية، ما يعزز مكانته كمركز لوجستي محوري في منطقة البحر الأحمر.
وقد شهد الميناء طفرة تطوير غير مسبوقة، مكنته من دخول موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية كأعمق حوض ميناء من صنع الإنسان يُنشأ على اليابسة بعمق 19 مترًا، الأمر الذي يعزز قدرته على استقبال السفن العملاقة وخدمة حركة التجارة العالمية بكفاءة عالية.
ثالثًا: المكاسب الاستراتيجية للربط البحري بين الميناءين
يحقق مشروع الربط البحري بين ميناء صحار وميناء العين السخنة مجموعة من المكاسب الاستراتيجية، أبرزها:
تسهيل حركة نقل الخامات والبضائع بين مصر وسلطنة عُمان.
دعم واستقرار سلاسل الإمداد الإقليمية.
خفض تكاليف النقل وتقليل زمن الشحن.
فتح آفاق جديدة للتكامل الصناعي بين البلدين.
كما يتيح هذا الربط جذب شركات صناعية عالمية لإقامة مناطق لوجستية وصناعية مشتركة في الميناءين، بحيث يتم إنتاج أجزاء من المنتجات في إحدى المنطقتين واستكمال تصنيعها في الأخرى، بما يعزز القيمة المضافة ويرفع القدرة التنافسية للمنتجات في الأسواق العالمية.
رابعًا: دعم الصناعات الوطنية والتكامل في الخامات
تكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة في ظل ما تمتلكه سلطنة عُمان من فائض إنتاج في بعض الخامات الاستراتيجية، وعلى رأسها البولي بروبلين والنحاس، والتي يمكن أن تسهم في تلبية جزء من احتياجات السوق المصري ودعم الصناعات الوطنية، خاصة في ظل التوسع الصناعي الكبير الذي تشهده مصر خلال السنوات الأخيرة.
خامسًا: التطور المتسارع لقطاع النقل البحري المصري
يأتي مشروع الربط البحري بالتوازي مع التطوير الشامل الذي يشهده قطاع النقل البحري المصري، حيث ارتفع عدد الموانئ التجارية إلى 19 ميناءً بعد إضافة 5 موانئ جديدة، كما تجاوز إجمالي أطوال الأرصفة 100 كيلومتر.
وشملت أعمال التطوير تعميق الممرات الملاحية لرفع الطاقة الاستيعابية إلى نحو 40 مليون حاوية مكافئة سنويًا و400 مليون طن بضائع.
وقد أسهمت هذه الطفرة في جذب أكبر 6 خطوط ملاحية عالمية وأكبر 7 مشغلين دوليين للموانئ، إلى جانب تحقيق الموانئ المصرية مراكز متقدمة في التصنيفات الدولية، فضلًا عن خطة وزارة النقل لتدعيم واستعادة قوة الأسطول التجاري المصري ليصل إلى 40 سفينة بحلول عام 2030.
وفي نهاية، يمثل الربط البحري بين ميناء صحار وميناء العين السخنة خطوة استراتيجية مهمة نحو تعزيز التكامل الاقتصادي العربي، ودعم التجارة البينية، وخلق نموذج ناجح للتعاون اللوجستي والصناعي القادر على المنافسة إقليميًا وعالميًا.





