أكد الخبير المالي محمد إسماعيل، محلل أسواق المال ، أن الأسواق العربية تمر حاليًا بمرحلة طبيعية من التصحيح بعد موجة من الارتفاعات القوية التي سجلتها منذ بداية العام، موضحًا أن الأداء الحالي يعكس توازنًا بين عمليات جني الأرباح وحالة الترقب التي تسود بين المستثمرين، انتظارًا لما ستسفر عنه القرارات النقدية العالمية، خاصة المتعلقة بأسعار الفائدة.
وقال إسماعيل في تصريحات صحفية ببرنامج ارقام وأسواق المذاع على قناة أزهري، إن تراجع أسعار النفط عالميًا كان له أثر مباشر على أداء البورصات وأسهم الشركات المرتبطة بالطاقة، مشيرًا إلى أن زيادة المعروض في مقابل تراجع الطلب ساهم في خلق حالة من الحذر في الأسواق، وأدى إلى تراجع مؤشرات الثقة لدى المستثمرين، الذين يتخوفون من انعكاس ذلك على معدلات الإنفاق الحكومي ومشروعات التنمية.
وأضاف أن قطاع التكنولوجيا والسلع الاستهلاكية تصدّر موجات التراجع الأخيرة، بعد ارتفاعات مبالغ فيها خلال الفترات الماضية بدعم من طفرة الذكاء الاصطناعي، وهو ما جعل التقييمات السوقية لتلك الشركات تتجاوز قيمتها الحقيقية، مما استدعى تصحيحًا سعريًا متوقعًا، وصفه بأنه “صحي ومطلوب لاستعادة التوازن”.
وفي تحليله لحركة التداولات، أوضح إسماعيل أن المؤشرات الفنية تشير إلى دخول الأسواق في مسار عرضي يميل إلى التذبذب بين الارتفاع والانخفاض، في ظل غياب محفزات قوية جديدة، مع ترقب المستثمرين صدور بيانات اقتصادية مهمة في الولايات المتحدة قد تحدد اتجاه أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن العديد من الشركات الكبرى سجلت نتائج مالية قوية خلال الربع الثالث من العام، إلا أن الأسهم لم تتفاعل بالشكل المتوقع مع تلك النتائج، بسبب حالة الهدوء السائدة في قرارات المستثمرين وتوجه بعضهم إلى إعادة تقييم محافظهم الاستثمارية، متوقعًا أن يظهر أثر تلك النتائج الإيجابية على حركة الأسعار خلال الأسابيع المقبلة.
وقال إسماعيل إن الأسواق العربية شهدت ارتفاعًا جماعيًا في الأرباح المجمعة للشركات بنحو 17% خلال الربع الثالث، متجاوزة 29 مليار وحدة نقدية، وهو ما يعكس متانة الأداء المالي رغم التحديات العالمية، مؤكدًا أن موجة التصحيح الحالية لا تعني ضعفًا في الأساسيات الاقتصادية، بل تعبر عن إعادة تموضع لرؤوس الأموال قبل انطلاق دورة صعود جديدة.
وختم إسماعيل حديثه قائلًا إن الفترة المقبلة مرشحة لحركة متوازنة بين ارتفاعات انتقائية في بعض القطاعات ذات العوائد المستقرة، وبين استقرار نسبي في أسهم الشركات القيادية، مشددًا على أن إدارة المخاطر وتنويع المحافظ الاستثمارية تبقى المفتاح الأهم لعبور المرحلة الحالية بأمان، في ظل التقلبات المستمرة في الأسواق العالمية.
