أ
أ
مع اول أيام العيد الأضحى المبارك، تتزايد التساؤلات الشرعية بين المسلمين في مصر حول أحكام الأضحية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة, هل هي واجبة على القادر؟ وهل يجوز الاقتراض لأدائها؟ وما حكم من يتركها رغم مقدرته؟ دار الإفتاء المصرية تقدم إجابات واضحة لهذه الاستفسارات.
الأضحية: سنة مؤكدة للقادرين دون مشقة
أكدت دار الإفتاء المصرية أن الأضحية سُنّة مؤكدة وليست واجبة، ولا تُطلب إلا ممن يمتلك القدرة المالية دون أن يُلحِق ذلك به مشقة أو ضررًا, أوضحت الدار أن "الاستطاعة" شرط أساسي في التكليف الشرعي، مستدلة بقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، وبقول النبي ﷺ: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".

الاقتراض لأداء الأضحية: جائز بشروط
فيما يخص جواز الاقتراض لأداء الأضحية، أجابت دار الإفتاء بأنه يجوز الاقتراض لأداء الأضحية إذا كان الشخص واثقًا من قدرته على السداد، دون أن يترتب على ذلك ضرر مالي له أو لأسرته, واستندت الدار إلى أقوال علماء كالإمام البهوتي، الذي قال: "من لم يجد ما يضحي به فليقترض إن كان قادرًا على الوفاء", وأكد الإمام الزرقاني أن من يرجو سداد الدين يجوز له التسلف، وهو ما أيده ابن رشد.
لكن في المقابل، حذر الفقهاء من الاقتراض لمن يعلم من نفسه عدم القدرة على السداد، مستشهدين بحديث النبي ﷺ: "إن أعظم الذنوب عند الله أن يموت الرجل وعليه دين لا يدع له قضاء".
مفهوم القدرة على الأضحية: اختلاف المذاهب
اختلفت المذاهب الفقهية في تحديد مفهوم القدرة على الأضحية، وهي كالتالي:
- الحنفية: اشترطوا أن يملك المضحي ما يزيد عن حاجته الأساسية، بمقدار 200 درهم أو 20 دينارًا.
- المالكية: اعتبروا أن الأضحية لا تُطلب إذا كان إخراجها يُسبب ضررًا ماليًا على مدار العام.
- الشافعية: اشترطوا وجود فائض عن الحاجة وحاجة من يعول خلال أيام العيد.
- الحنابلة: أجازوا الاقتراض لمن كان قادرًا على السداد لاحقًا.

هل يأثم القادر على الأضحية إذا تركها؟
أجمع العلماء على مشروعية الأضحية، لكنهم اختلفوا في حكم تركها:
جمهور الفقهاء (من المالكية والشافعية والحنابلة): يرون أنها سنة مؤكدة، لا يأثم من تركها ولو كان قادرًا، مستدلين بحديث أم سلمة: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي..."، مما يدل على أن الأمر للندب لا للوجوب.
الحنفية: يرون أنها واجبة على القادر، ويأثم من يتركها دون عذر.
وتميل دار الإفتاء المصرية إلى رأي الجمهور بأن الأضحية سنة مؤكدة يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها، إلا إذا نذر بها، ففي هذه الحالة تكون واجبة.
قرار استثنائي في المغرب: الملك يضحي عن الشعب
في خطوة نادرة تعكس صعوبة المرحلة، قرر العاهل المغربي الملك محمد السادس عدم أداء شعيرة الأضحية لهذا العام، مؤكدًا أنه سيقوم بها نيابة عن الشعب، اقتداءً بالنبي ﷺ الذي ضحى عن أمته, جاء القرار استجابة للظروف المناخية والاقتصادية الصعبة التي أدت إلى نقص في أعداد الماشية وارتفاع كبير في أسعارها، مما قد يُثقل كاهل المواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود.
وجاء في الرسالة الرسمية التي تلاها وزير الأوقاف المغربي: "القيام بالأضحية في هذه الظروف سيلحق ضررًا محققًا بفئات واسعة من الشعب، لذا نهيب بالمواطنين عدم أدائها هذا العام، وسنقوم بها نيابة عنهم."