الجمعة، 18 ذو القعدة 1446 ، 16 مايو 2025

الجاموس المصري.. ثروة قومية تنتظر الاهتمام والتطوير

جاموس بقر عجول
الجاموس المصري
أ أ
techno seeds
techno seeds
على الرغم من استئناسه منذ آلاف السنين، لا يزال الجاموس يحمل في طياته الكثير مما يثير فضول الباحثين، وبينما شهدت صناعة الأبقار في مصر تطورًا ملحوظًا على مدى العقود الماضية، ظل الجاموس، الذي يلعب دورًا حيويًا في تحقيق الأمن الغذائي المصري، ينتظر الاهتمام الكافي لتطوير سلالاته وزيادة إنتاجيته.

مساهمة حيوية في الأمن الغذائي:

يساهم الجاموس المصري بنسبة كبيرة في السوق المحلي، حيث يمثل 44% من إنتاج الحليب و39% من إنتاج اللحوم الحمراء. بالإضافة إلى ذلك، يتميز حليب الجاموس بمحتواه العالي من الدهون، وهو ما يفضله المستهلك المصري.


مصر.. رائدة تربية الجاموس في أفريقيا:

تعتبر مصر الدولة الأفريقية الرئيسية التي تربي أعدادًا كبيرة من الجاموس، حيث يبلغ تعدادها حوالي 3.9 مليون رأس. وتتفرد مصر بإنتاج يزيد عن 2 مليون طن من الحليب سنويًا، مما يجعلها رائدة في هذا المجال على مستوى القارة الأفريقية.

تربية تقليدية وتوزيع جغرافي:

تتم تربية حوالي 97% من الجاموس المصري في قطعان صغيرة الحجم لدى صغار المربين. وتتمركز تربية الجاموس بشكل أساسي في منطقتي الدلتا (57% في شمالها) ووسط وجنوب مصر (43%).


ثلاثة أنماط للجاموس المصري:
ينقسم الجاموس المصري إلى ثلاثة أنماط رئيسية بناءً على التوزيع الجغرافي وليس الوراثة:

• الجاموس البحيري: ينتشر في شمال غرب الدلتا، ويتميز بحجمه الكبير ولونه الرمادي الداكن وإنتاجه الجيد من الحليب.
• الجاموس المنوفي: يوجد في محافظة المنوفية بجنوب الدلتا، ويشبه الجاموس البحيري في ارتفاعه ولكنه أقصر قليلًا وأقل إنتاجًا للحليب.

• الجاموس الصعيدي: يتواجد في محافظات صعيد مصر، وهو أصغر حجمًا ولونه غالبًا أسود، وله شعر أكثر من النوعين السابقين، وإنتاجه من الحليب ضعيف.

تاريخ دخول الجاموس إلى مصر:

تشير السجلات التاريخية إلى أن الجاموس دخل إلى مصر في القرن التاسع الميلادي، قادمًا من آسيا عبر التجار العرب والهند والشام. وقد اكتسب الجاموس المصري صفات مميزة مع تأقلمه مع البيئة المصرية شبه الحارة، مما ساهم في انتشاره وأصبح مصدرًا رئيسيًا للحليب، لقدرته العالية على تحويل الأعلاف ذات القيمة الغذائية المنخفضة إلى حليب غني.

مكانة الجاموس عالميًا:

يبلغ تعداد الجاموس المستأنس في العالم حوالي 209 ملايين رأس، بمعدل نمو 2.7% عن عام 2017، ويقدر إنتاجه السنوي من الحليب بحوالي 128 مليون طن. تحتل الهند المرتبة الأولى عالميًا في تعداد الجاموس وإنتاج الحليب، تليها باكستان في المرتبة الثانية. يساهم الجاموس بنسبة 15% من إنتاج الحليب العالمي، بينما تساهم الأبقار بنسبة 81%.

الحاجة إلى تطوير سلالات الجاموس المصري:

نظرًا للخبرة الكبيرة التي تتمتع بها دول مثل الهند وباكستان في تربية الجاموس وتنوع سلالاتها عالية الإنتاجية للحوم والألبان، يصبح فتح قنوات للبحث والدراسات الحقلية المشتركة مع هذه الدول ضرورة ملحة، كما يجب مراعاة الخريطة الوبائية لكل منطقة لتجنب أي مخاطر صحية غير متوقعة.


دراسة أنظمة التربية.. خطوة نحو التحسين:

تعتبر دراسة أنظمة تربية الجاموس في مصر حاجة ملحة للتعرف على نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات التي تواجه هذه المزارع. هذه الدراسة ستساعد في تصميم سياسات فعالة وتحديد استراتيجيات لتحسين هذه النظم الزراعية، خاصة في ظل نظام تربية الماشية التقليدي المختلط الذي لا يزال هو النظام الرئيسي في مصر، والذي يشهد انخفاضًا تدريجيًا في أعداد الجاموس ومساهمته مقارنة بالأبقار المتخصصة في إنتاج الألبان.

تطوير الإنتاج.. استيراد السلالات عالية الإنتاجية:

تتأثر كمية إنتاج الحليب في الجاموس بعوامل مثل الجينات الوراثية وجودة العلف. يتراوح الحد الأدنى لإنتاج الحليب في الجاموس المصري بين 3-4 كجم يوميًا، بينما سجل الجاموس الإيطالي أعلى إنتاج في مصر وصل إلى 15 كجم.

وتنتج سلالات أخرى مثل "الجافارآبادي" (الموجودة في البرازيل) و "المورا" و"النيلي رافي" الهندية إنتاجًا أعلى يصل إلى 18 كجم يوميًا.
لذلك، يصبح استيراد بعض السلالات عالية الإنتاجية للحوم والألبان من الهند وباكستان والبرازيل ضرورة ملحة لتحسين الصفات الوراثية للجاموس المصري وزيادة استخدام التلقيح الاصطناعي، مع الالتزام الكامل بالمعايير الصحية والوقائية المناسبة للخريطة الوبائية لكل منطقة.


الجاموس عالميًا.. معلومات قليلة وأهمية كبيرة:

تعتبر الدول (الهند، باكستان، الصين، مصر، نيبال، إيطاليا، ميانمار، إيران، كولومبيا، والبرازيل) مسؤولة عن 97.59% من الإنتاج العالمي لحليب الجاموس.

وقد تبين للباحثين أن هناك نقصًا كبيرًا في المعلومات المتاحة حول سلوكيات الجاموس المعيشية وتأثيرها على إنتاجه، على الرغم من وجوده في أكثر من 77 دولة حول العالم بسلالات متنوعة تصل إلى 123 سلالة (90 منها في آسيا).

لذا، يجب على الباحثين والحكومات تسليط الضوء على هذا الحيوان وتكثيف الدراسات البحثية حوله كمصدر أساسي للبروتين الحيواني والحليب ومنتجاته، ودراسة سلوكه الإنتاجي والمرضي، حيث تختلف استجابته للأمراض عن الأبقار من حيث الشدة والمقاومة، وهو ما سيكون محور الحديث في حوارات مستقبلية.
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة