تعد تربية الدواجن وقطاع الثروة الداجنة في مصر عامة من القطاعات الهامة والعريضة داخل هيكل الاقتصاد المصري، حيث ان هذا القطاع يشمل استثمارات
تُقدر بنحو مئة مليار جنيه، وموضحًا أن الهدف من هذه الصناعة هو إنتاج ما يقرب من
مليار و400 مليون كتكوت سنوياً مُعد للتسمين، إلى جانب حوالي 14 مليون بيضة مائدة
مخصصة لاستهلاك المواطنين.
أوضح الدكتور محمد جمال الجارحي،
الباحث وأخصائي أمراض الدواجن، خلال إحدي اللقاءات على قناة مصر الزراعية " أن نصيب الفرد السنوي من اللحم الأبيض يبلغ ما
يوازي حوالي 15 كيلو جرام، مؤكدًا أن هذا القطاع يوفر فرص عمل مباشرة لنحو أربعة
إلى خمسة ملايين شخص، فضلاً عن العمالة غير المباشرة التي تمس كافة أطياف المجتمع
كمستهلكين ومرتبطين بالصناعات المغذية أو الخدمات اللوجستية.
شدد الجارحي على ضرورة أهمية الرجوع إلى
المتخصصين في مجال الإنتاج الداجني، مؤكدًا أن الطبيب البيطري المتخصص هو في
الأساس استشاري للمزرعة وليس متحكمًا في كل تفاصيلها، ولفت إلى ضرورة استشارة
المهندس الزراعي المتخصص في الإنتاج الداجني قبل البدء في تصميم المزرعة وتجهيزها.
وأوضح الجارحي أن الاعتماد على الخبرات الشخصية أو خبرة البناء فقط في تصميم
المزرعة، مثل تحديد الأبعاد والمساحات وارتفاعات العنابر وتصميم التهوية والعزل،
يؤدي إلى أخطاء جوهرية قد تسبب مشاكل كبيرة على المدى الطويل.
وأكد أخصائي أمراض الدواجن أن هذه الاستشارة الهندسية المتخصصة، رغم تكلفتها الأولية، هي في
الواقع استثمار يوفر الكثير من الخسائر المستقبلية الناتجة عن عيوب التصميم، مثل
مشكلة سوء التهوية التي قد تنتج عن زاوية خاطئة في توجيه الشفاطات، والتي بدورها
تسبب مشاكل تنفسية للطيور، مما يجعل الطبيب البيطري في موقف صعب عند محاولة علاج
مشاكل ناتجة عن خطأ أساسي في تصميم العنبر لم يتم اكتشافه إلا بالزيارة الميدانية
من المختص.
و أشار الدكتور الجارحي إلى أن العديد من المشاكل الصحية التي تصيب
قطعان الدواجن تنبع من أخطاء يرتكبها المربي في المراحل الأولية للمشروع، مثل
اختيار المزرعة أو الكتكوت أو برامج التحضين والتحصين أو حتى العاملين بصورة غير
صحيحة.
وأوضح أن المربي يلجأ للطبيب البيطري عادةً عند حدوث المشاكل بالفعل
لتشخيص الحالة وكتابة برنامج علاجي، معتبرًا هذا الأسلوب بمثابة "رد فعل"وليس "فعلاً وقائيًا استباقيًا”.
وشدد على المبدأ الاقتصادي والصحي الهام بأن"كل جنيه يُنفق في
الوقاية يوفر ما يقابله سبعة جنيهات في العلاج" وأن الأساس في التعامل مع الثروة
الداجنة يجب أن يكون على مبدأ الطب الوقائي وليس العلاجي.
وأوصى المربين بالبدء الصحيح من البداية وتجنب الاعتماد على الخبرات
غير المتخصصة أو ما وصفه بـ " لفهلوة" والاجتهادات الشخصية في تصميم المزرعة
وإدارة التربية.
ونصح بضرورة الرجوع إلى المتخصصين في كافة مراحل المشروع لضمان وضع
أساس علمي صحيح للمزرعة واختيار الأصناف المناسبة واتباع البرامج الصحيحة
والاهتمام بكافة التفاصيل لضمان تحقيق الإنتاجية المرجوة وتجنب الخسائر، ملخصًا
بأنه “لا يصح إلا الصحيح” في نهاية المطاف، وأن هذا هو النهج العلمي
الجديد المطلوب.