أكد الإعلامي د. عمرو الليثي ان قصة سيدنا سليمان عليه السلام من أعظم القصص التى تحمل فى طياتها دروسًا وعبرًا خالدة فى مجالات الحكم والعلم والتواضع والإيمان. ومن أبرز مواقفها تلك التى جمعته مع الهدهد، والنمل، وملكة سبأ بلقيس، وهى شواهد على عمق حكمته وعدله، وعلى أن الإيمان لا يُقاس بالقوة المادية بل بالبصيرة والعقل الراجح.
وأضاف خلال تصريحات صحفية خاصة أن قصة سليمان والهدهد توضح أن العلم لا يُستهان به فى قصة الهدهد تتجلى قيمة العلم والمعرفة. فالهدهد، رغم صغره وضعفه، امتلك علمًا لم يكن عند سليمان عليه السلام حين قال: «وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شىء ولها عرش عظيم».
هذا الموقف يعلّمنا أن مصدر الحكمة قد يأتى من أبسط المخلوقات، وأن العاقل لا يستهين بأى معلومة مهما كان مصدرها. كما يظهر فى تصرف سليمان احترامه للعلم والمنهج فى التحقق، إذ قال:
«سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين»، فلم يتسرع بالحكم، بل طلب الدليل والبرهان. وهنا درس عظيم فى التثبت والتأنى قبل اتخاذ القرار، وهو خُلُق القائد العادل والحاكم الراشد.
وعن قصة سليمان والنمل: التواضع أمام مخلوقات الله فى مشهد النمل، حين سمع سليمان نملة تقول: «يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون».
توقف نبى الله متأملًا كلامها، وابتسم شكرًا لله على نعمة السمع والفهم. هذا الموقف يجسد قمة التواضع الإنسانى؛ فالنبى الملك، الذى سخّر الله له الريح والجن والطير، يتوقف أمام مخلوق صغير ليشكر الله على علمه. وهنا عبرة عظيمة فى أن العظمة الحقيقية لا تكمن فى القوة أو الملك، بل فى الوعى بنعمة الله وشكرها، وفى احترام حياة كل مخلوق مهما صغر حجمه.
وتابع أن قصة سليمان وبلقيس: الحكمة فى الدعوة والإقناع، أما بلقيس، ملكة سبأ، فقصتها مع سليمان تمثل ذروة الحكمة فى الدعوة إلى التوحيد. لم يُرسل إليها جيشًا، بل رسالة تبدأ بـ: «إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا على وأتونى مسلمين»، كلمات قليلة لكنها تحمل قوة الإيمان ووقار النبوة. وقد تعامل معها سليمان بعقلانية، فامتحنها وأظهر لها عظمة ملك الله لا ملك البشر، حتى قالت: «رب إنى ظلمت نفسى وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين».
وفى ذلك درس فى أن الإقناع القائم على الحكمة والمعجزة أبلغ أثرًا من القوة، وأن الدعوة إلى الله تكون بالحجة واللين لا بالعنف.
خاتمة ودعوة للإبداع: إن علاقة سيدنا سليمان عليه السلام بالهدهد والنمل وبلقيس تُجسّد نموذج القيادة الربانية التى تقوم على العلم والعدل والتواضع والإيمان. فهى تذكّرنا بأن الحكمة ليست فى امتلاك القوة بل فى حسن استخدامها، وأن أضعف المخلوقات قد تحمل أعظم الدروس. لقد علّمنا سليمان أن التفكر فى الكون واحترام المخلوقات سبيل إلى معرفة الخالق، وأن الشكر على النعم مفتاح لدوامها.
ومن هنا أرجو من القائمين على إنتاج كرتون الأطفال تحويل هذه القصة إلى مسلسل يُعرض فى شهر رمضان، بحيث يُقدَّم بأسلوب مشوّق يناسب عقول الصغار، ويغرس فى نفوسهم قيم الحكمة، والشكر، والرحمة، ويُعرّفهم بجمال القصص القرآنى الذى يجمع بين المتعة والعبرة.



