الجمعة، 02 جمادى الأولى 1447 ، 24 أكتوبر 2025

عمرو الليثي : الإعلام من أكثر الأدوات تأثيرًا فى تشكيل وعى الأجيال وصياغة ملامح فكرهم وسلوكهم.

58
عمرو الليثي
أ أ
techno seeds
techno seeds
اكد الإعلامي د. عمرو الليثي في تصريحات صحفية خاصة ان الإعلام يُعدّ  اليوم من أكثر الأدوات تأثيرًا فى تشكيل وعى الأجيال وصياغة ملامح فكرهم وسلوكهم. ومع بروز جيل «جين زد» (Generation Z)، الذى يشمل من وُلدوا تقريبًا بين عامى ١٩٩٧ و٢٠١٢، بات من الضرورى أن يعيد الإعلام النظر فى أدواته وأساليبه، ليتوافق مع طبيعة هذا الجيل الذى يعيش فى عالمٍ رقمى متسارع الإيقاع، ويمتاز بحس نقدى عالٍ، وشغف بالحرية والتجربة الفردية.

جيل جين زد: جيل الوعى الرقمى والهوية المرنة


وأضاف يختلف جيل جين زد عن الأجيال السابقة فى كونه أول جيل وُلد فى ظل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى. فبالنسبة له، لا يُعتبر العالم الرقمى مجرد وسيلة ترفيه أو تواصل، بل هو جزء من الواقع اليومى. هذا الجيل يميل إلى استهلاك المحتوى القصير والسريع مثل الفيديوهات القصيرة على «تيك توك» و«ريلز» إنستجرام، ويُفضل التفاعل المباشر على تلقى المعلومات بشكل أحادى. كما يتميز بحسٍّ قوى تجاه العدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية، وقضايا الهوية والاختلاف، ما يجعل الإعلام أمام تحدٍّ كبير فى كيفية مخاطبته دون الوقوع فى النمطية أو الخطاب الوعظى.

الإعلام التقليدى فى مواجهة التحول الرقمى


الإعلام التقليدى، سواء كان تلفزيونيًا أو صحفيًا، فقد جزءًا كبيرًا من جمهوره الشاب لصالح المنصات الرقمية. فجيل جين زد لا يكتفى بالمشاهدة، بل يريد المشاركة والتعبير والمساهمة فى صناعة الرسالة الإعلامية. وهذا يعنى أن الإعلام لم يعد مجرد مرسل لمعلومة، بل صار شريكًا فى الحوار المجتمعى. لذلك، يحتاج الإعلام إلى التحول من «منبرٍ أحادي» إلى «منصة تفاعلية»، حيث يتم إشراك الجمهور فى صناعة المحتوى وإعطاؤه مساحة للتعبير عن رأيه.

لغة جديدة فى الخطاب الإعلامى


مخاطبة جيل جين زد تتطلب لغة مختلفة، لغة تجمع بين العمق والمرونة، بين المعلومة والترفيه، وتستند إلى الإقناع لا الإملاء. فالشباب اليوم لا ينجذبون إلى الخطابات الرسمية أو المطولة، بل يفضلون المحتوى البصرى الخفيف والغنى فى الوقت ذاته. ومن هنا ظهرت صيغة «الإعلام القصير»، الذى يوصل الفكرة فى دقيقة أو أقل، لكنه يثير التفكير ويحفز البحث. كما يجب على الإعلام أن يستخدم رموز وثقافة هذا الجيل — من الميمات والهاشتاجات إلى الموسيقى الرقمية والذكاء الاصطناعى — ليخاطبه بلغته دون استعلاء أو تصنع.

القيم والمصداقية


أهم ما يبحث عنه جيل جين زد فى الإعلام هو الصدق. هذا الجيل يشكّك فى الخطابات الموجهة ويملك أدوات للتحقق من المعلومة فورًا. لذلك، فإن الشفافية، والاعتراف بالأخطاء، والابتعاد عن التلاعب بالعواطف، هى مفاتيح الثقة. كما أن الالتزام بالقيم الإنسانية والعدالة والمساواة يُعدّ شرطًا أساسيًا لكسب احترام هذا الجيل الواعى.

خاتمة


إن مخاطبة جيل جين زد ليست مهمة سهلة، لكنها فرصة ذهبية لإعادة تعريف الإعلام ذاته. فحين يتفاعل الإعلام بصدق وذكاء مع هذا الجيل، يمكن أن يتحول من مجرد وسيلة لنقل الأخبار إلى قوة تغيير إيجابية تُلهم، وتربط، وتبنى مستقبلًا أكثر وعيًا وإنسانية.
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة