في الخامس عشر من أكتوبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة الريفية، الذي يسلط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه المرأة في القرى والمناطق الريفية، وإسهاماتها الكبيرة في مجالات الزراعة والتنمية الريفية والأمن الغذائي.
فالمرأة الريفية ليست فقط ربة منزل أو معيلة لأبنائها، بل هي شريك أساسي للرجل في الحقول والمزارع، تعمل جنبًا إلى جنب معه في الإنتاج الزراعي وتربية الحيوانات، مما يجعلها ركيزة رئيسية في دعم الاقتصاد الريفي.
تشير الإحصاءات إلى أن النساء الريفيات يشكلن أكثر من ربع سكان العالم، ويصل تمثيلهن إلى أكثر من 40% من القوى العاملة في القطاع الزراعي بالدول النامية، رغم مواجهتهن تحديات كبيرة تتمثل في نقص الموارد، وضعف الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية، وحقوق الملكية.
وتسعى العديد من الدول إلى إعطاء المرأة الريفية اهتمامًا خاصًا ضمن برامج التنمية وتمكين المرأة، حيث تُطلق المبادرات لدعم النساء المعيلات وصاحبات المشروعات الصغيرة، وتوفير فرص عمل في القرى بهدف تحسين مستوى المعيشة.
ويتم تنفيذ برامج تدريبية لتطوير مهارات النساء الريفيات في مجالات متعددة مثل التصنيع الغذائي والحرف اليدوية، وتشجيعهن على إقامة مشروعات منزلية تدر دخلاً مستدامًا لأسرهن.
كما تُعزز برامج الحماية الاجتماعية، مثل دعم المشروعات الصغيرة وبرامج التكافل الاجتماعي، دور المرأة الريفية وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا.
ويرى الخبراء أن اليوم العالمي للمرأة الريفية ليس مجرد احتفال، بل هو دعوة لتقدير جهود النساء اللاتي يسهمن بشكل مباشر في تأمين الغذاء العالمي، رغم التحديات الصعبة مثل تغير المناخ وندرة المياه وارتفاع تكاليف المعيشة، إذ تمثل المرأة الريفية رمزًا للصبر والعطاء والعمل الدؤوب.
ويُعتبر تمكين المرأة الريفية مفتاحًا للتنمية المستدامة، حيث يعزز دعمها بالتعليم والتدريب والتمويل تنمية الأسرة والمجتمع ككل.
ويشكل هذا اليوم فرصة لتجديد الالتزام بدعم المرأة الريفية وتسليط الضوء على قصص نجاحها كنماذج ملهمة في ميادين الزراعة والإنتاج والحياة اليومية.
المرأة الريفية تتحمل مسؤوليات جسام داخل الأسرة وخارجها، وتشكل العمود الفقري للزراعة في العديد من الدول النامية، حيث تزرع وتحصد وتدير مواردها بحكمة.
إلا أنهن يواجهن تحديات كبيرة أبرزها ضعف الاعتراف بقيمتها الاقتصادية والاجتماعية، وحرمانهن من حقوق أساسية مثل تملك الأراضي أو الحصول على التمويل الزراعي والدعم الفني.
وتشير البيانات إلى أن نسبة النساء المالكات للأراضي الزراعية تقل عن 15% عالميًا، مع وجود فجوات كبيرة بين الجنسين في فرص التعليم والأجور والتدريب.
وتؤكد الدراسات أن تمكين المرأة الريفية يمكن أن يرفع الإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 30% في بعض المناطق، مما يسهم بشكل فعال في خفض معدلات الجوع والفقر، وتعزيز التنمية المستدامة.
وعلى الرغم من كل العقبات، تظل المرأة الريفية رمزًا للقوة والعطاء، تستيقظ مع شروق الشمس لتزرع، وتعد الطعام لأطفالها، وتشارك في حماية البيئة والمجتمع من آثار التغير المناخي.
وتؤكد الخبرات أن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة يعد عنصرًا حاسمًا في مكافحة الفقر والجوع وتغير المناخ، حيث تتحمل المرأة الريفية مسؤولية نصف إنتاج الغذاء العالمي، وفي العديد من الدول النامية تصل هذه النسبة إلى 80%.
وقد اكتسبت النساء الريفيات مهارات التعامل مع تغير المناخ من خلال الزراعة المستدامة، والانتقال إلى استخدام البذور المقاومة للجفاف، وتطبيق تقنيات منخفضة التأثير، وإدارة التربة العضوية، وقيادة جهود إعادة التشجير على مستوى المجتمعات المحلية.
كما تقود نساء الشعوب الأصلية جهود الحفاظ على البيئة، حاملات معارف وممارسات تقليدية تساهم في بناء قدرة المجتمعات على الصمود في وجه التغيرات المناخية.
يأتي موضوع اليوم العالمي للمرأة الريفية هذا العام تحت شعار "المرأة الريفية تحافظ على الطبيعة من أجل مستقبلنا الجماعي"، حيث يركز على بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ، والحفاظ على التنوع البيولوجي، ورعاية الأراضي، وتحقيق المساواة وتمكين النساء والفتيات.
وتُبرز المعطيات أن قدرة النساء على الوصول إلى الموارد الأساسية مثل حقوق الأرض، والائتمان، والتعليم، والتكنولوجيا لا تزال أقل بكثير مقارنة بالرجال، رغم أن تساويهن في هذه الموارد قد يؤدي إلى زيادة إنتاجية المزارع بنسبة 20 إلى 30%، وإطعام ما بين 100 إلى 150 مليون شخص إضافي.
كما تشير البيانات إلى أن ارتفاع متوسط درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة يؤدي إلى انخفاض الدخل الإجمالي للأسر التي تعيلها نساء بنسبة 34% مقارنة بالأسر التي يعيلها رجال.
وتؤكد هذه الحقائق على أهمية تمكين المرأة الريفية ودعمها لتكون ركيزة أساسية في مواجهة تحديات المستقبل وبناء مجتمعات أكثر استدامة وازدهارًا.