في ظل التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، تتجه الأنظار نحو إمكانية زراعة محاصيل استوائية جديدة في مصر، ومن أبرزها شجرة الكاكاو، هذه النبتة التي تتطلب ظروفًا بيئية وجرعات حرارية محددة للنمو والتزهير، أصبحت محط اهتمام المزارعين والباحثين على حد سواء.

تحدثت الدكتورة رانيا عبد الفتاح جبر، باحثة بقسم بحوث الفاكهة الاستوائية بمعهد بحوث البساتين، مركز البحوث الزراعية، عن جهود توطين زراعة الكاكاو في الأراضي المصرية‘ في لقاء لها علي احدي القنوات الفضائية المصرية

ملامح التجربة المصرية لزراعة الكاكاو:

أشارت الدكتورة رانيا إلى أن بعض كبار المزارعين بدأوا بالفعل في استيراد بذور الكاكاو ومحاولة زراعتها في مصر، مستفيدين من ارتفاع درجات الحرارة الذي خلق أجواءً قريبة الشبه بالموطن الأصلي للكاكاو، هذا الارتفاع المستمر في الحرارة فتح الباب أمام زراعة محاصيل لم تكن الظروف المناخية تسمح بها من قبل.

حتى الآن، لا توجد معلومات مؤكدة عن نتائج هذه التجارب الخاصة بالمزارعين. لكن الجانب البحثي والأكاديمي لم ينتظر، بل بادر باتخاذ نفس الخطوة منذ حوالي 5 أعوام. الدكتورة رانيا كشفت أنها بدأت تجاربها الفعلية لزراعة شجرة الكاكاو في عام 2018.

وقد استعانت بخبراء من دول مثل أوغندا، جنوب إفريقيا، نيجيريا، والبرازيل (الموطن الأصلي للكاكاو) للتعرف على أفضل تقنيات الزراعة لضمان أفضل النتائج.

وأكدت الدكتورة جبر أن تجربتها البحثية لزراعة شجرة الكاكاو قد وصلت حاليًا إلى مرحلة "التزهير"، مشيرة إلى سعيها الحثيث لتوطين وأقلمة هذا النبات بما يتماشى مع الظروف المناخية والبيئية المصرية، وصولًا إلى النتائج المأمولة.

التجربة الهولندية كنموذج ملهم:

سلطت الدكتورة رانيا الضوء على التجربة الهولندية الناجحة في توطين وزراعة بعض المحاصيل الاستوائية مثل الأفوكادو، الفانيليا، البن، الكاكاو، والباباظ، هذه التجربة، التي جرت في مدينتي لاهاي ودينهاج على الحدود الجنوبية لأمستردام، حققت نتائج مبهرة وتستحق التأمل والدراسة والاستفادة منها.

الموطن الأصلي والاحتياجات البيئية للكاكاو:

تُوضح الدكتورة جبر أن الموطن الأصلي لشجرة الكاكاو هو البيئات الاستوائية في قارة أمريكا اللاتينية، وأبرز الدول المنتجة هي المكسيك، كولومبيا، البرازيل، أوروغواي، وبيرو، والتي تحتل مراتب متقدمة عالميًا في الإنتاج.

تنمو شجرة الكاكاو في بيئة ذات درجات حرارة عالية جدًا، قد تتجاوز أحيانًا 48 درجة مئوية. ولكنها لا تتحمل انخفاض الحرارة إلى حدود 15 درجة مئوية، خاصة في فترة التزهير، حيث يؤدي ذلك إلى فقدان الأشجار لأزهارها بالكامل.


فيما يخص التربة، تحتاج شجرة الكاكاو إلى تربة دوبالية غنية جدًا. في تجربتها البحثية، استخدمت الدكتورة رانيا خليطًا مكونًا من الرمل والطين بنسبة 2:1. ويمكن استخدام خليط من الرمل، الطين، والفرموكلايت كبديل مناسب.

كما تُشدد على أن بذور الكاكاو تحتاج إلى تربة جيدة الصرف والتهوية، مع ضرورة ملء كافة الفراغات حولها، وألا تتحول التربة إلى الملوحة، بحد أقصى للملوحة يتراوح بين 300 إلى 400 جزء في المليون (ppm).