أ
أ
أعلنت وزارة الأوقاف المصرية عن موضوع خطبة الجمعة اليوم الموافق 18 يوليو 2025، والتي ستتناول قضية "المدينة الفاضلة.. جسد واحد (الاتحاد قوة)"، و يأتي هذا الموضوع في إطار سعي الوزارة لترسيخ قيم التعاون والتكاتف بين أفراد المجتمع، والتأكيد على أهمية الوحدة والترابط لبناء مجتمع قوي ومتماسك.
خُطْبَةٌ بِعُنْوَانِ: الْمَدِينَةُ الْفَاضِلَةُ… جَسَدٌ وَاحِدٌ (لاِتِّحَادُ قُوَّةٌ) بتاريخ 23 محرم 1447هـ 18 يوليو 2025م
المدينةُ المنوَّرةُ ليست مجرَّدَ مكانٍ، بل هي ميدانُ رحمةٍ، ومهدٌ لمنهجٍ إلهيٍّ عظيمٍ، تَجسَّد على يدِ صاحبِ الرسالةِ الخاتمةِ، سيدِنا محمدٍ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فَفيها تَحوَّل الغُرباءُ إلى إخوةٍ، وتحوَّلت القبائلُ المتنازعةُ إلى جسدٍ واحدٍ إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائرُ الجسدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى، ولم يكن ذلك بمحضِ المصادفة، بل كان نتيجةَ قيادةٍ نبويةٍ، وتربيةٍ إيمانيةٍ، وعدلٍ لا مثيلَ له.تفاصيل المحتوى
1- مجتمع المدينة.. بناءٌ ربانيٌّ فريدٌ2- المؤاخاة.. نواةُ التلاحمِ والتكافل
3- وثيقة المدينة.. عهدُ المواطنةِ والوحدة
4- العدلُ والتربيةُ.. أساسُ التماسكِ المجتمعي

مجتمع المدينة.. بناءٌ ربانيٌّ فريدٌ
لم تكن المدينةُ قبيلَ الهجرةِ إلا ساحةً للنزاعاتِ القبليةِ، والأطماعِ اليهوديةِ، والأهواءِ المتفرقة، حتى جاءها النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – فحمل إليها النورَ، وشيَّد مجتمعًا جديدًا بوحي السماء، جمع بين قبائل الأوس والخزرج بعد صراعاتٍ طويلة، واحتوى اليهود وغيرهم، في إطارٍ من العدلِ والتسامحِ. لم يكن هذا الإنجازُ وليدَ لحظةٍ، بل ثمرةُ حكمةٍ نبويةٍ، ومنهجٍ ربانيٍّ، استطاع أن يصنع من الفُرقةِ وحدةً، ومن الضعفِ قوةً.المؤاخاة.. نواةُ التلاحمِ والتكافل
أولُ خطوةٍ خطاها النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – لتحقيق الوحدة، كانت المؤاخاةَ بين المهاجرين والأنصار، هذه المؤاخاةُ لم تكن شعاراتٍ عاطفيةً، بل علاقةً إيمانيةً تقوم على التعاونِ الحقيقي، وتقاسمِ الموارد، والإيثارِ الصادق، وقد خلد القرآنُ تلك الصورةَ في قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩]،فقد تقاسم الأنصارُ بيوتهم، وأرزاقهم، وأرضهم، مع إخوانهم، حتى صاروا بحقٍّ جسدًا واحدًا، ومن أروعِ صورها ما وقع بين عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع – رضي الله عنهما – حيث عرض عليه نصف ماله وزوجتيه.
وثيقة المدينة.. عهدُ المواطنةِ والوحدة
ولم يقفْ التأسيسُ عند حدودِ المؤاخاةِ، بل صاغ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – أوَّلَ دستورٍ مدنيٍّ شاملٍ، هو “وثيقة المدينة”، التي نظَّمت العلاقةَ بين المسلمين واليهود وغيرهم، وأرست مبدأَ التعاونِ والحقوقِ والواجباتِ، وجعلت الكلَّ “أمةً واحدةً من دون الناس”، فكانت حجرَ الأساسِ لمجتمعٍ يحترم التنوع، ويضمن الحريات، ويُعلي مصلحة الجماعة، وسجَّلت هذه الوثيقةُ سبقًا حضاريًّا ما زال يُبهِر العقولَ إلى اليوم.العدلُ والتربيةُ.. أساسُ التماسكِ المجتمعي
لم يكن التماسكُ المجتمعيُّ لينجح دون عدالةٍ مطلقةٍ تُذيب الفوارق، وتحفظ الحقوق، وقد جسَّد النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – هذا العدلَ حتى مع أحبِّ الناس إليه، فقال: «لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت، لقطعتُ يدَها»، كما رَبَّى الصحابةَ على الأخوَّةِ والرحمةِ ونبذِ العصبيةِ، فقال: كونوا عبادَ اللهِ إخوانًا»، وجعل المسجدَ منبرًا للتزكيةِ، والتربيةِ، والعلمِ، وبذلك اجتمع الجسدُ الإسلاميُّ على قلبِ رجلٍ واحد، في إطارِ قيمٍ تربويةٍ ساميةٍ، وتأسيسٍ قيميٍّ قوي.