قالت الدكتورة أسماء الظاهر، الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن الإسلام دين التوازن الذي يجمع بين إعمار الدنيا والاستعداد للآخرة، مستشهدة بقول الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}، مؤكدة أنه لا يوجد في الإسلام دعوة لهجر الدنيا أو اعتبار الآخرة بديلاً عنها، بل كل مرحلة منهما لها رسالتها ووظيفتها في حياة الإنسان.
وأضافت، خلال حلقة برنامج "فكر"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن مفهوم الجنة في الإسلام أوسع من مجرد التمتع المادي كما يروج البعض، بل هو في المقام الأول رضا الله عز وجل، مشيرة إلى قول الله تعالى:
{وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، موضحة أن هذا الرضوان لا يُنال بتفجير الدول وإراقة الدماء، بل بعمارة الأرض والعمل الصالح.
وأوضحت الظاهر أن الإسلام يحتفي بالعمل الدنيوي ويحث عليه، مشيرة إلى قول الله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، وإلى وصية النبي ﷺ حين قال: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل"، لافتة إلى أن حياة النبي نفسها كانت مثالًا لبناء الدولة وتربية الأجيال والسعي في مناكب الأرض.
وأكدت أن الترويج لفكرة الآخرة كمهرب من الواقع هو من استراتيجيات الجماعات المتطرفة التي تستغل الأزمات النفسية والاجتماعية للأفراد، مشددة على أن مواجهة هذا الفكر تحتاج إلى تعليم صحيح ومتوازن، وتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية، وكذلك تعزيز قيم العمل والبناء وحب الوطن، ونشر التسامح والحوار بين أبناء المجتمع.
وأردفت إن الدين الحقيقي يدعو إلى الجمع بين الإيمان والعمل، بين الدين والحياة، بين الروح والمادة، في توازن يحقق مقاصد الشريعة ويعمر الأرض كما أراد الله، محذرة من خطورة الخطاب المتطرف الذي يشيطن الحياة ويصادر حق الإنسان في البناء والتنمية.