أكد الدكتور باسم بكر، استشاري زراعة النخيل والباحث بالمركز القومي للبحوث، أن صنف البرحي يُعد من أهم أصناف النخيل المزروعة في مصر، لما يتمتع به من جودة عالية وإنتاجية مرتفعة تناسب مختلف البيئات الزراعية، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك نافذة تصديرية قوية جدًا في محصول البرحي، خصوصًا في هذا التوقيت من العام، إذ تكون أغلب دول العالم قد أنهت موسمها الإنتاجي.
وأوضح بكر, في تصريحاته لـ"اجرى نيوز"، أن المنتج المصري من التمور يحظى بفرص كبيرة للانتشار في أسواق أستراليا وإيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي، نظرًا لتوافقه مع المواصفات العالمية من حيث الجودة وسلامة المنتج.
وأشار إلى أن هناك خريطة مناخية دقيقة تحدد زراعة الأصناف المناسبة في كل محافظة، حيث يختلف كل صنف من النخيل في متطلباته الحرارية، لافتًا إلى أن صنف البرحي يُستهلك طازجًا ويُناسب الزراعة في معظم أنحاء الجمهورية، بينما يُعد صنف المجدول من الأصناف النصف جافة التي تجود زراعتها في مناطق جنوب سيناء والوادي الجديد والواحات البحرية والفرافرة والمنيا وأسيوط وحتى توشكى والعوينات.
وأضاف الباحث بالمركز القومي للبحوث أن مستقبل زراعة النخيل في صعيد مصر واعد للغاية، ومصر مؤهلة لأن تكون ضمن المراتب الأولى عالميًا في تصدير تمر المجدول خلال السنوات المقبلة، خاصة مع التوسع في الزراعة الحديثة وتطبيق الممارسات الجيدة في الخدمة والإنتاج.
وأوضح بكر, أن نخلة البرحي تنتج في المتوسط ما بين 250 إلى 350 كيلوجرامًا من الثمار، بما يعادل 18 إلى 20 طنًا للفدان الواحد، بينما يتراوح سعر الطن المحلي بين 60 و65 ألف جنيه، ويرتفع في التصدير إلى 80–85 ألف جنيه، وقد يتجاوز قريبًا 120 ألف جنيه للطن مع زيادة الطلب الخارجي، فيما يبلغ متوسط وزن الصباطة في البرحي بين 25 و35 كيلوجرامًا.
وشدد على أن المعاملات الزراعية السليمة تمثل العامل الحاسم في نجاح الصادرات المصرية، حيث تتطلب الدول المستوردة مطابقة صارمة للمواصفات القياسية، ولكل سوق اشتراطاته الخاصة، مشيرًا إلى أن مصر نجحت في تجنّب انتشار سوسة النخيل الحمراء بفضل تطبيق الممارسات الوقائية السليمة، ومعالجة أي إصابات محدودة من خلال الحقن المباشر بالأجهزة ثلاثية الجرعات، مما يتيح السيطرة السريعة على الإصابة.
وأوضح أن نخلة البرحي تبدأ في الإثمار بعد ثلاث سنوات من الزراعة بمتوسط إنتاج 10 إلى 15 كيلوجرامًا، وتزداد تدريجيًا حتى تصل إلى 250–350 كيلوجرامًا عند عمر عشر سنوات، بينما تبدأ نخلة المجدول الإنتاج بعد ثلاث سنوات بمتوسط 4 إلى 5 كيلوجرامات، ثم يمكن فصل أول فسيلة والتوسع في الزراعة.
وأشار بكر, إلى أن اختلاف المعاملات الزراعية بين البرحي والمجدول يتطلب خبرة دقيقة في الإدارة المزرعية، موضحًا أن «المجدول زراعة اليوم وصناعة الغد»، نظرًا لقيمته الاقتصادية والتصديرية العالية.
وتحدث الخبير الزراعي عن التطور التكنولوجي في قطاع التمور المصري، مشيرًا إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي مؤخرًا في عمليات التعبئة والتصنيف جعل المنتج المصري قادرًا على المنافسة العالمية، مؤكدًا أن القيمة الحقيقية للنخلة ليست اقتصادية فحسب، بل غذائية وبيئية وأمن قومي، فهي تسهم في تحسين المناخ ودعم ركائز التنمية المستدامة في مصر.
واختتم الدكتور باسم بكر حديثه بالإشادة بتجربة مزرعة «جرين أكتوبر» التي تُعد نموذجًا ناجحًا لزراعة النخيل وإنتاج التمور، حيث تعمل منذ أكثر من 30 عامًا في زراعة البرحي المخصص للتصدير إلى أوروبا، مشيرًا إلى أن كل نخلة تُتابع بدقة عبر برنامج خدمة عضوية متكامل وخطة زراعية مدروسة تشمل التسميد والري والجمع، بإشراف فريق من المهندسين والاستشاريين الزراعيين لضمان إنتاج ثمرة مصرية متميزة في الشكل والطعم والجودة.