أكدت أسماء مطر، الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن التنظيمات المتطرفة تستغل بعض جوانب التاريخ الإسلامي بأساليب ملتوية لخدمة أجنداتها المشبوهة، مما يستدعي التصدي لذلك بمنهجية علمية دقيقة تحفظ لهذا التراث قيمته وتمنع استغلاله.
وأشارت مطر، خلال حلقة برنامج "فكر"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة. إلى أن التاريخ الإسلامي يحمل إرثاً ضخماً متشابكاً بين العوامل الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ما يجعله عرضة للتحريف ما لم يتم التعامل معه بأدوات علمية سليمة، مضيفة: "من الضروري أن نعتمد على منهج علمي يتضمن عدة مبادئ أساسية".
ولفتت إلى أن أولى هذه المبادئ هو التحقق من المصادر، حيث شددت على أن "ليس كل ما ورد في كتب التاريخ الإسلامي يمكن اعتباره صحيحاً أو مقدساً"، موضحة أن الفارق كبير بين السنة النبوية والتاريخ الإسلامي، وهو ما يوجب الاعتماد على مصادر أصلية موثوقة مع الانتباه لتحيزات المؤلفين وميولهم.
وتطرقت مطر إلى أهمية النقد التاريخي كأداة ضرورية لفهم الروايات وتمييز المقبول منها، قائلة: "النقد التاريخي في السياق الإسلامي يتضمن فحص الأسانيد والمتون ومقارنتها بالقرائن والسياقات، وعدم التسليم بالروايات الغريبة التي قد تروج للعنف أو الانقسام، مع الانفتاح على مصادر متنوعة حتى من خارج الثقافة الإسلامية إذا عُرفت بالحياد العلمي".
كما شددت على ضرورة فصل الدين عن التاريخ البشري، موضحة أن تطبيقات البشر، حتى وإن كانوا من الصحابة الكرام، لا تخلو من اجتهادات قابلة للصواب والخطأ، و إن "الخلافات الكبرى في أواخر عهد الخلفاء الراشدين يجب أن تُفهم على أنها وقائع بشرية لا تدخل في نطاق التشريع، ويجب دراستها بروح علمية لا تقديسية".
وأكدت على أن المنهج العلمي في دراسة التاريخ الإسلامي هو السبيل لتحصين الأجيال من الاستغلال الفكري وتشكيل وعي نقدي يحترم التراث دون أن يُسلم لكل رواية دون تدقيق أو مساءلة.