السبت، 24 محرم 1447 ، 19 يوليو 2025

مصر تحول التحدي إلى فرصة : مشروعات عملاقة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تؤمّن المستقبل المائي والغذائي

الصرف الزراعي
الصرف الزراعي
أ أ
techno seeds
techno seeds
في ظل تحديات ندرة المياه التي تواجهها مصر كواحدة من أكثر الدول تأثرًا بهذه الأزمة، خاصة مع التزايد السكاني المستمر والاحتياجات المتزايدة في قطاعات الزراعة والصناعة والاستهلاك اليومي، برزت أهمية الاستفادة من مياه الصرف الزراعي كحل استراتيجي يعزز الأمن المائي ويسهم في تنمية القطاع الزراعي بشكل مستدام.

مياه الصرف الزراعي، التي كانت تُعتبر لفترة طويلة مياهًا ملوثة يجب التخلص منها، نظرًا لاحتوائها على ملوثات عضوية وغير عضوية ومخاطر بيئية عديدة، أصبحت اليوم، بفضل التطور العلمي والتقني، مصدرًا مائيًا آمنًا يمكن استخدامه لري المحاصيل الزراعية، خاصة في المناطق الصحراوية التي تعاني من ندرة المياه العذبة.

قفزة عملاقة في مشروعات المعالجة

اتخذت مصر خطوات كبيرة في هذا المجال من خلال تنفيذ مشروعات ضخمة لمعالجة مياه الصرف الزراعي. على رأس هذه المشروعات تأتي محطة بحر البقر، التي تُعد الأكبر من نوعها في العالم، بقدرة معالجة تصل إلى حوالي 5.6 مليون متر مكعب يوميًا.

تخدم هذه المحطة بشكل رئيسي مناطق شمال ووسط سيناء، التي تمثل أحد أهم المناطق المستهدفة في خطة الدولة لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية.

إلى جانب محطة بحر البقر، تم إنشاء محطة الحمام في الدلتا المصرية، والتي تبلغ طاقتها حوالي 7.5 مليون متر مكعب يوميًا، وتستهدف هذه المحطة استصلاح الأراضي الصحراوية في غرب الدلتا وتحويلها إلى أراضٍ زراعية منتجة.

كذلك توجد محطة المحسمة في شرق قناة السويس، والتي تبلغ طاقتها نحو 1.5 مليون متر مكعب يوميًا، وتساهم في استصلاح حوالي 50 ألف فدان، ما يوضح الأهمية الكبيرة لهذه المشروعات في زيادة الرقعة الزراعية.

تُعد مياه الصرف الزراعي المعالجة اليوم مصدرًا هامًا للمياه، حيث تسهم في توفير ما يقرب من 4.8 مليار متر مكعب سنويًا، يستخدم لري المحاصيل الزراعية، مما يدعم زيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، ويعزز من قدرة مصر على مواجهة التحديات البيئية والمائية المتزايدة.

تقنيات متطورة وخطط مستقبلية

تعمل وزارة الموارد المائية والري المصرية على تطوير تقنيات متقدمة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تضمن إزالة الملوثات بشكل فعال، وتطبيق نظم مراقبة دقيقة لجودة المياه المعالجة قبل استخدامها في الري.

بالإضافة إلى ذلك، يتم اختيار المحاصيل الزراعية التي تتناسب مع نوعية المياه المستخدمة، ويفضل زراعة المحاصيل التي تتحمل ظروف الملوحة والظروف البيئية القاسية.

تتضمن خطة مصر المستقبلية لتوسيع الاستفادة من مياه الصرف الزراعي إنشاء المزيد من محطات المعالجة في مناطق مختلفة من البلاد، وذلك بهدف تغطية أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الزراعية الجديدة، خاصة في الصحراء الغربية والشرقية.

كما تهدف الخطة إلى تحسين كفاءة تشغيل هذه المحطات من خلال تدريب الكوادر الفنية والإدارية المختصة، لضمان استدامة تشغيل هذه المحطات على المدى الطويل.

من ناحية أخرى، تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا لنشر الوعي بين المزارعين بأهمية إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، ومخاطر الاستخدام الخاطئ لها، حيث إن التعليم والتدريب هما عنصران أساسيان لنجاح هذه المشاريع وضمان استدامتها.

على الصعيد الاقتصادي، يمثل استخدام مياه الصرف الزراعي فرصة كبيرة لتقليل الضغط على المصادر التقليدية من المياه العذبة، وبالتالي خفض تكاليف المياه المستخدمة في الزراعة، مما ينعكس إيجابيًا على تكلفة الإنتاج الزراعي ويزيد من تنافسيته في الأسواق المحلية والعالمية.

مصر: نموذج رائد في إدارة الموارد المائية

إن جهود مصر في مجال معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي هي نموذج رائد يعكس قدرة الدولة على مواجهة تحديات نقص المياه وتحقيق التنمية المستدامة.

فبفضل التخطيط الحكومي الدقيق، والتكنولوجيا المتطورة، والوعي المجتمعي، يخطو القطاع الزراعي خطوة جديدة نحو المستقبل، يضمن فيها أمنه المائي والغذائي، ويحقق نقلة نوعية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة