في وقت تتجه فيه مصر نحو تعزيز أمنها الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الاستراتيجية، تبرز محافظة كفر الشيخ كنموذج رائد في مجال الاستزراع السمكي، بعد أن تحوّلت إلى أكبر محافظة منتجة للأسماك على مستوى الجمهورية، واحتضنت على أرضها أكبر مشروع للاستزراع السمكي في الشرق الأوسط: مشروع بركة غليون.

هذا المشروع لم يكن مجرد خطة طموحة، بل أصبح واقعًا يُترجم رؤية الدولة المصرية في استغلال مواردها الطبيعية بطرق حديثة ومستدامة.

بركة غليون.. حلم تحوّل إلى واقع

على مساحة ضخمة في منطقة "بركة غليون" الواقعة على الطريق الدولي الساحلي بمركز مطوبس، قامت المدينة السمكية الصناعية بتغيير خريطة الإنتاج السمكي في مصر.

المشروع الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي وافتُتح في 18 نوفمبر 2017، يُعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، بتكلفة تجاوزت 14 مليار جنيه، ويُدار من خلال الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية.

مكونات المشروع العملاق

تضم المدينة السمكية مصانع متطورة لتجهيز وتعليب وتغليف الأسماك، بالإضافة إلى مفرخات متقدمة لزراعة الأسماك والجمبري، ووحدات استزراع مكثف بتقنيات حديثة.

كما تتبع المشروع منظومة متكاملة تشمل محطات معالجة المياه ووحدات تغذية ونقل متطورة، ما يجعله مشروعًا متكامل الأركان من الإنتاج وحتى التوزيع.

كفر الشيخ.. محافظة الإنتاج الأول في مصر

تتصدر كفر الشيخ قائمة المحافظات المصرية في إنتاج الأسماك، بنسبة كبيرة من الإنتاج المحلي، ما يجعلها الرقم واحد في قطاع الاستزراع السمكي.

وتساهم بشكل فاعل في تقليل الاعتماد على الاستيراد وتوفير الأسماك بأسعار مناسبة للسوق المحلي.

مكانة مصر العالمية في الاستزراع السمكي

بفضل مشروعات كفر الشيخ، تحتل مصر الآن المركز السابع عالميًا في الاستزراع السمكي، بحسب إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، كما تأتي في المركز الأول إفريقيًا، ما يعكس نجاح الدولة في تنفيذ استراتيجيات فاعلة لتنمية هذا القطاع الحيوي.

رؤية مستقبلية نحو الاكتفاء الذاتي

رغم الإنجازات الكبيرة، لا يزال حجم الواردات السمكية في مصر يصل إلى نحو 236 ألف طن سنويًا، وهو ما يدفع الدولة للاستمرار في دعم مشروعات الاستزراع السمكي من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، خاصة مع الزيادة السكانية وتزايد الطلب على مصادر البروتين الآمنة والصحية.