حذّر مختصون في الطب البيطري من خطورة حقن الأدوية في الوريد بسرعة عالية، مؤكدين أن هذه الممارسة تُعدّ من الأخطاء الجسيمة التي قد تؤدي إلى نفوق الحيوان خلال ثوانٍ معدودة.

وتعود أسباب الخطورة إلى عوامل فيزيولوجية وكيميائية متعددة، تؤثر على أجهزة الجسم الحيوية وتُحدث صدمات حادة قد تكون قاتلة.

أسباب الخطورة
الصدمة الدوائية (Drug Shock):

عند دخول الدواء بسرعة إلى مجرى الدم، يتفاعل الجسم بعنف نتيجة التغيّر المفاجئ في تركيز الدواء أو في درجة الحموضة، مما يؤدي إلى هبوط حاد في ضغط الدم وتوقف القلب أو التنفس.

تأثير مباشر على القلب أو الدماغ:

بعض الأدوية، مثل المخدرات والمنبهات والمضادات الحيوية القوية، إضافة إلى مركبات الكالسيوم والمغنيسيوم، قد تُحدث تأثيرًا مباشرًا على عضلة القلب أو مراكز التنفس في الدماغ إذا حُقنت بسرعة.

انحلال كريات الدم الحمراء:

بعض المحاليل أو الأدوية عالية التركيز يمكن أن تُسبب تحلل خلايا الدم عند حقنها دفعة واحدة، مما يؤدي إلى اضطرابات دموية خطيرة.

عدم إعطاء الوقت الكافي لتوزع الدواء:

يحتاج الجسم إلى وقت كافٍ لتوزيع الدواء بشكل متوازن عبر الدورة الدموية، بينما يؤدي الحقن السريع إلى رفع التركيز الموضعي للدواء إلى مستويات سامة.

تفاعل دوائي أو فيزيائي مع الدم:

في حال لم يُخفّف الدواء بشكل صحيح أو لم يُراعَ نوع المحلول المناسب، قد ينتج عن ذلك تجلط دموي موضعي أو تهيّج للأوردة ومضاعفات خطيرة أخرى.

النتائج المحتملة

يحذر الخبراء من أن نتائج الحقن السريع قد تكون قاتلة، وتشمل:
نفوقًا مفاجئًا للحيوان بسبب توقف القلب أو التنفس.
تشنجات أو رجفانًا بطينيًا.
تجلطًا أو التهابًا وريديًا.
انهيارًا في الدورة الدموية (Circulatory Collapse).

التوصيات السليمة

أوصى الأطباء البيطريون بعدة إجراءات احترازية لتفادي هذه المخاطر:
حقن الأدوية الوريدية ببطء شديد — لا يقل عن 30 ثانية إلى عدة دقائق بحسب نوع الدواء.
استخدام القسطرة الوريدية (Cannula) للتحكم في سرعة الإعطاء.
تخفيف الدواء بالمحلول المناسب في حال كان مركزًا.
التأكد من أن درجة حرارة المحلول قريبة من حرارة الجسم.
مراقبة الحيوان أثناء وبعد الحقن لرصد أي علامات اضطراب.

قبل الحقن

التحقق من العلاج والجرعة:
يجب التأكد من اسم الدواء، تاريخ الصلاحية، كمية الجرعة وطريقة الإعطاء (bolus، بطيء أو تسريب).

تحضير الأدوات:

تجهيز قفازات نظيفة، سرنجة بإبرة مناسبة أو كانولا وريدية، محلول ملحي معقّم، مطهر (كحول أو بيتادين)، شريط لاصق أو رباط للوريد، وضمادات.

التعقيم والنظافة:

غسل اليدين وارتداء القفازات، وتعقيم موقع الحقن جيدًا وتركه حتى يجف قبل إدخال الإبرة أو الكانولا.
تهدئة الحيوان وتثبيته:
يجب تثبيت الحيوان بلطف ولكن بإحكام، باستخدام مساعد أو أحزمة مناسبة، لتفادي انزلاق الإبرة أثناء الحقن.

أثناء الدخول الوريدي

اختيار الوريد المناسب:
يُفضل اختيار وريد مرئي وسهل الوصول إليه، مثل الوريد الجلفي أو الصافن أو العنقي بحسب نوع الحيوان، مع تجنّب الأوردة التالفة أو الملتهبة.

استخدام الكانولا عند الإمكان:

تركيب قنينة وريدية ثابتة يُعد أكثر أمانًا من الحقن المتكرر، إذ يقلل من المخاطر ويسمح بالمراقبة المستمرة.

إدخال الإبرة أو الكانولا بلطف:

يجب إدخالها بزاوية مناسبة، ثم التأكد من رجوع الدم إلى السرنجة أو فتح التدفق للتأكد من صحة الوضع.

التحقق من مكان الإبرة:

قبل إعطاء الدواء، يُنصح بسحب بسيط أو حقن كمية صغيرة من المحلول الملحي المعقّم للتأكد من مرورها بسلاسة دون انتفاخ تحت الجلد (extravasation).

أثناء إعطاء الدواء

الإعطاء البطيء وفق التعليمات:
معظم الأدوية لا يجب إعطاؤها كدفعة سريعة إلا إذا كانت مصممة لذلك. الحقن البطيء أو التسريب يحدّ من الارتفاع المفاجئ في التركيز ويقلل من خطر الصدمة.

غسل الخط بين الأدوية:

عند إعطاء أكثر من دواء عبر نفس الخط الوريدي، يجب شطفه بمحلول ملحي معقّم لتجنب التفاعلات.

المراقبة المستمرة:

راقب نبض الحيوان وتنفسه ولون الأغشية المخاطية وسلوكه أثناء الإعطاء، ولاحظ أي علامات ضعف أو تقلصات أو ضيق تنفس.

التوثيق:

يُسجّل وقت الإعطاء، اسم الدواء، الكمية، والملاحظات حول استجابة الحيوان للعلاج.

بعد الحقن

غسل الخط وإزالة الإبرة بأمان:
بعد انتهاء الإعطاء، يُغسل الخط بالمحلول الملحي، وتُزال الإبرة أو الكانولا، ثم يُغلق الوريد بضمادة معقمة.

المراقبة اللاحقة:

يجب متابعة الحيوان لفترة بعد الحقن لملاحظة أي ردود فعل متأخرة.

التعامل مع المضاعفات:

في حال ظهور أعراض شديدة مثل توقف التنفس أو انهيار الدورة الدموية أو التشنجات، يجب إيقاف الحقن فورًا، تأمين مجرى الهواء، والبدء بإنعاش أساسي وفق البروتوكول البيطري، وطلب مساعدة طبية عاجلة.

مضاعفات شائعة وطرق الحد منها
الحقن خارج الوعاء (Extravasation):

يجب التوقف فورًا، رفع الطرف المصاب، وضع ضمادة باردة أو دافئة حسب نوع المادة، واستشارة الطبيب البيطري.

التسمم أو الحساسية التأقية (Anaphylaxis):

التوقف عن الإعطاء فورًا، وقد يحتاج الحيوان إلى تدخل بيطري عاجل بعلاجات طوارئ خاصة.

التهاب الوريد أو التجلط:

يمكن تقليله من خلال الالتزام الصارم بإجراءات التعقيم واستبدال الكانولا عند الحاجة.

يشدّد الأطباء البيطريون على أن الحقن الوريدي السريع للأدوية في الحيوانات يمثل خطرًا حقيقيًا على الحياة، مؤكدين أن الالتزام بالحقن البطيء، والتعقيم، والمراقبة الدقيقة، هو السبيل الآمن للحفاظ على صحة الحيوان وتفادي المضاعفات القاتلة.