عاشت زارنيغور ياكوبوفا في قرية صغيرة بمقاطعة بوستانليك في أوزبكستان، محاطة بالنحل.
منذ طفولتها، كانت تشارك في مشروع تربية النحل العائلي مع والدها، حيث أصبح هذا العمل جزءًا أساسيًا من حياتها اليومية.
على الرغم من شغفها بالتعليم ورغبتها في أن تصبح معلمة، فإن حياة زارنيغور اتخذت مسارًا مختلفًا تمامًا بعد سلسلة من التحديات الشخصية والاقتصادية.
في بداية حياتها، كانت زارنيغور تتطلع إلى مستقبل أكاديمي مشرق، لكن سرعان ما تغيرت أولوياتها بعد أن مرت بتجربة الطلاق أثناء حملها بطفلها الأول، بينما كانت تعتني أيضًا بوالدتها المريضة.




مع غياب الفرص المهنية في قريتها والعزلة الاجتماعية، وجدت نفسها أمام تحدي إعالة أسرتها وحدها.
تقول السيدة زارنيغور: "في مجتمعي، يُنظر إلى الطلاق كخطأ من المرأة، ما يجعل الحصول على الدعم أمرًا بالغ الصعوبة.
لكنني لم أستسلم." في تلك اللحظة الصعبة، قررت العودة إلى عالم النحل الذي نشأت فيه، رغم التحديات التي واجهتها.
كانت أدوات تربية النحل قديمة، وكانت الأمراض تنتشر بسهولة، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة.
وعندما تأثرت خلايا النحل، كان العثور على حلول سريعة أمرًا صعبًا.
لكن السيدة زارنيغور لم تتراجع، بل قررت تحويل هذا التحدي إلى فرصة.
في عام 2023، تلقت دعوة من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) للانضمام إلى مشروع "عدم ترك أي أحد خلف الركب"، المدعوم من وزارة الزراعة والغابات التركية.
هذا المشروع يهدف إلى تمكين النساء الريفيات اقتصاديًا من خلال توفير المعرفة والتدريب والمعدات الزراعية.
وكانت زارنيغور واحدة من 48 امرأة من مقاطعة بوستانليك تم اختيارهن للحصول على هذا الدعم.
من خلال الدورات التدريبية التي قدمها خبراء في تربية النحل، تعلمت السيدة زارنيغور كيفية تحسين ظروف خلايا النحل، واكتشاف الأمراض مبكرًا، وإدارة مستعمرات النحل بشكل أكثر كفاءة.
كما تعلمت استراتيجيات جديدة لتحسين ربحية مشروع تربية النحل.
"تعلمت كيفية فصل الشمع عن العسل، وكيفية مراقبة الخلايا للكشف عن الحشرات الضارة، وكيفية الاهتمام بالنحل في بداية الربيع بعد فصل الشتاء البارد"، تقول السيدة زارنيغور.
كما حصلت على معدات حديثة مثل جهاز لإذابة الشمع وآخر لاستخلاص العسل، وهو ما ساعدها على توفير الوقت وتقليل المخاطر الصحية في خلايا النحل.
مع هذه الأدوات الجديدة والمعرفة المتعمقة، بدأت السيدة زارنيغور مشروعها الخاص في تربية النحل، وأصبحت تدير 40 خلية نحل.
كما بدأت تبيع العسل، الشمع، والهلام الملكي، والعكبر مباشرة من منزلها.
وعلى الرغم من أن تربية النحل تعتبر تقليديًا مهنة رجالية في أوزبكستان، فقد أثبتت زارنيغور أن النساء أيضًا قادرات على النجاح في هذا المجال.


فقد أصبحت مصدر إلهام لعدد من النساء الأخريات في قريتها، وبدأت مجموعة من النساء المشاركات في التدريب بتأسيس خلايا نحل خاصة بهن.
كما تقدمت هذه النساء بطلبات للحصول على إرشادات من زارنيغور.
اليوم، تواصل زارنيغور تطور مشروعها وتحقق دخلًا يساعدها على تأمين مستقبلها الشخصي. إذ تقول: "أدخر الآن لشراء منزل خاص بي.
قد يكون صغيرًا، لكن سيكون ملكي" وبفضل الدخل الذي تحققه من مشروع النحل، تمكّنها أيضًا من تدريس الأطفال في أوقات فراغها.
النجاح الذي حققته زارنيغور لم يقتصر على تحسين حياتها وحياة أسرتها فقط، بل كان له تأثير أوسع في مجتمعها.
فقد ساهمت في خلق شبكة دعم بين النساء الريفيات، مما ساعدهن على تبادل الأفكار والخبرات، وتعزيز روح التعاون والمساعدة المتبادلة.
وترى زارنيغور أن تربية النحل ليست مجرد وسيلة للعيش، بل هي فرصة لتغيير الواقع المجتمعي والاقتصادي للنساء الريفيات.
وتضيف: "لقد واجهتُ العديد من التحديات، ولكن بفضل العمل الجاد والإيمان بنفسي، استطعتُ بناء مستقبل أفضل لي ولابني.
اليوم، تسعى زارنيغور إلى افتتاح متجر خاص بعسلها وعرض منتجاتها تحت علامتها التجارية الخاصة.
وتخطط أيضًا لنقل القيم التي تعلمتها إلى ابنها، ليحملها معه في المستقبل ويكون له دور في خدمة المجتمع.
لقد حولت زارنيغور تحديات الحياة إلى فرص، وأثبتت أن الإيمان بالنفس والعمل الجاد يمكن أن يقودا إلى النجاح مهما كانت الظروف.







