قال الدكتور أسامة فخري الجندي، من علماء وزارة الأوقاف، إنَّ مصر نالت شرفًا عظيمًا باصطفاء الله تعالى لها لتكون على أرضها أول رسالة سماوية إلى الأرض، مؤكدًا أنَّ نبي الله إدريس عليه السلام كان أول من تلقى الوحي الإلهي على أرض مصر، فجمعت بين نور التوحيد والوحي السماوي وبين الحضارة الإنسانية والعلمية منذ فجر التاريخ.
وأوضح خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد، أنَّ سيدنا إدريس عليه السلام هو أول من خَطَّ بالقلم، وأول من خاط الثياب، وأول من علمه الله علوم الفلك والحساب، مشيرًا إلى أن هذا يعكس الجمع بين الدين والعلم والحضارة التي تميّزت بها أرض الكنانة منذ القدم.
وأضاف الجندي أنَّ التاريخ المصري هو أعرق تاريخ عرفته الإنسانية، ففيه دخل سيدنا إبراهيم عليه السلام وصاهر المصريين من خلال السيدة هاجر، ثم جاء سيدنا يوسف عليه السلام وتجدد الوحي على أرض مصر، واستُدعي إليها سيدنا يعقوب عليه السلام، وولد فيها سيدنا موسى وتربى على أرضها، وهناك في سيناء تجلى الله تعالى للجبل، فقال سبحانه: «فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا» [الأعراف: 143].
وتابع: «على هذه الأرض الطيبة آوت السيدة مريم ابنها سيدنا عيسى عليه السلام، كما قال الله تعالى: «وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ» [المؤمنون: 50]، والمقصود بها أرض مصر، ثم جاءت رسالة النبي محمد ﷺ لتؤكد مكانتها الخاصة حين أوصى بأهلها خيرًا، فقال ﷺ: «استوصوا بأهل مصر خيرًا فإن لهم ذمةً ورحمًا»».
وبيّن الدكتور أسامة فخري أن الله سبحانه وتعالى جمع بين مصر والجنة والمسجد الحرام في وصف واحد هو الأمن، فقال تعالى في شأن الجنة: «ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ» [الحجر: 46]، وعن المسجد الحرام: «لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ» [الفتح: 27]، وقال عن مصر على لسان يوسف عليه السلام: «ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ» [يوسف: 99]، ولا توجد بقعة رابعة في القرآن وُصفت بالأمن مثلها.
وقال: «من أراد أن يعرف قدر مصر فليتأمل في تاريخها ووحيها ورجالها، فهي بلد الأمن والإيمان، وأرض الأنبياء والأولياء، وجندها كما وصفهم النبي ﷺ: «خير أجناد الأرض»، وإن احتفال المصريين بنصر السادس من أكتوبر شاهد على أن هذا الشعب إذا دُعي إلى الحق انتصر، وإذا وقف في الميدان ثبت كالجبال».