قال الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن نوبة الاكتئاب الجسيم تعد من أخطر مراحل الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، حيث يدخل المريض في حالة من الإحساس العميق بالذنب وتأنيب الضمير، فيرى نفسه مسؤولًا عن كل ما حدث حوله من أخطاء أو خسائر، سواء كانت حقيقية أو متخيلة.
وأوضح خلال حلقة برنامج "راحة نفسية"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء، أن المريض في هذه الحالة يشعر وكأنه أذى من حوله جميعًا، فيتذكر تفاصيل مؤلمة من حياته — قصّر في حق أولاده، أو لم يراعِ والديه كما يجب، أو فقد أحباءه دون أن يكون إلى جوارهم — حتى تتحول الذاكرة إلى ما يشبه "منخلًا ينتقي الدود الأسود من الأرض"، أي أنها تلتقط كل ما هو مؤلم ومحزن فقط.
وأضاف أن بعض المرضى يتطور لديهم هذا الشعور بالذنب إلى ضلالة فكرية، فيعتقد أنه السبب في كوارث كبرى أو مصائب عامة، ويظل مقتنعًا بذلك دون تراجع أو نقاش، مؤكدًا أن المزاج المكتئب يجعل الإنسان أسيرًا لصورة مشوهة عن نفسه والعالم.
وأشار الدكتور المهدي إلى أن التفكير في الموت يصبح ملازمًا لهذه الحالة؛ إذ يشعر المريض أن حياته فقدت معناها وقيمتها، ويتمنى لو أن الموت يُنهي ألمه، بل قد يصل الأمر إلى التفكير الجاد في إيذاء النفس أو الانتحار، وهو ما يستدعي تدخلاً طبيًا عاجلًا.
كما يفقد المريض قدرته على التركيز واتخاذ القرار، فيتحول من شخص ناجح ومسؤول — ربما كان مديرًا أو قائدًا ناجزًا — إلى إنسان عاجز عن اتخاذ أبسط القرارات في حياته اليومية، مشيرًا إلى أن هذا العجز العملي والاجتماعي هو ما يميز المرض عن مجرد الحزن العابر.
وأكد أستاذ الطب النفسي، أن وجود خمس أعراض على الأقل من هذه العلامات، وبدرجة تعطل الحياة اليومية للمريض، هو ما يجعل الحالة تُشخَّص كنوبة اكتئاب جسيم، مضيفًا أن الشعور ببعض هذه الأعراض لا يعني بالضرورة المرض، طالما ظل الإنسان قادرًا على العمل والتفاعل والقيام بواجباته.