في مشهد مهيب يعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة، شهد معبد أبو سمبل توافد أعداد كبيرة من الزوار من مختلف أنحاء مصر والعالم منذ الساعات الأولى لفجر اليوم، لمتابعة ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس.
أضفت فرق الفنون الشعبية المشاركة أجواء احتفالية مميزة على المهرجان المقام في أسوان، حيث أحيت ثماني فرق من محافظات مختلفة عروضًا فنية متنوعة أمام المعبد، مما أثار تفاعل الجمهور مع الإيقاعات والألوان والرقصات الشعبية.
الاحتفالات أقيمت تحت رعاية وزارة الثقافة ومحافظة أسوان، بتنظيم مشترك بين الهيئة العامة لقصور الثقافة وعدة جهات ثقافية وتنفيذية.
حضر الفعالية نائب محافظ أسوان، وعدد من القيادات الثقافية والفنانين والمثقفين والإعلاميين، إلى جانب جمهور كبير من أهالي أسوان والسائحين الذين حرصوا على متابعة الظاهرة الفريدة.
انطلقت فعاليات المهرجان في 17 أكتوبر الجاري، وشملت 14 موقعًا ثقافيًا في مختلف أنحاء محافظة أسوان، قبل أن تنتقل الاحتفالات إلى مدينة أبو سمبل أمس، لتتوج بهذه المناسبة العالمية التي تعكس عبقرية المصريين القدماء في علوم الفلك والهندسة.
شهد معبد رمسيس الثاني صباح الأربعاء 22 أكتوبر واحدة من أبرز الظواهر الفلكية النادرة، حيث تعامدت أشعة الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس في تمام الساعة 6:49 صباحًا، واستمرت لمدة 20 دقيقة، وسط حضور نحو 4 آلاف زائر وسائح من مختلف أنحاء العالم.
اخترقت أشعة الشمس المعبد لمسافة 60 مترًا، لتضيء وجه رمسيس الثاني وتماثيل الآلهة آمون ورع حور، في ظاهرة عمرها أكثر من 33 قرنًا، تدل على مدى تقدم المصريين القدماء في علوم الفلك والهندسة والتخطيط المعماري.
تحدثت إحدى الزائرات عن تجربتها الفريدة في معبد أبو سمبل، حيث قضت ثماني ساعات متواصلة داخل المعبد، مفضلة أن تعيش اللحظة بكل تفاصيلها بعيدًا عن التصوير، مؤكدة أن شعور الفخر والانتماء لهذه الحضارة كان أعظم من أي توثيق.
وأعربت عن انبهارها بالدقة الفلكية التي أبدعها المصريون القدماء، إضافة إلى قصة الحب الخالدة التي جمعته الملك رمسيس الثاني بزوجته الملكة نفرتاري، التي شيّد لها معبدًا خاصًا بجوار معبده، وخلّد على جدرانه كلمات تفيض عشقًا وتقديرًا.
أوصت الزائرة بزيارة معبد أبو سمبل لأي شخص يزور أسوان، مؤكدة أن الرحلة تستحق كل التعب، وأن الطاقة الإيجابية التي يخرج بها الزائر من هذا المكان تكفيه لعام كامل.
وختمت حديثها بالتعبير عن فخرها بانتمائها لهذه الحضارة العريقة، قائلة: "أيوا، الحضارة دي حضارتنا... وده صنع بأيد أجدادي، وأنا بنتهم وحفيدتهم".
تقام ظاهرة تعامد الشمس مرتين سنويًا؛ الأولى في 22 فبراير تزامنًا مع موسم الفيضان والزراعة، والثانية في 22 أكتوبر إيذانًا ببدء موسم الحصاد.
ومن المتوقع أن يتزامن التعامد القادم في فبراير مع شهر رمضان المبارك، ما سيضيف طابعًا روحيًا وثقافيًا خاصًا على الاحتفالات، التي ستُنسق بالتعاون مع هيئة قصور الثقافة إلى جانب الفعاليات المعتادة.
أكدت الجهات التنفيذية بمحافظة أسوان أن الاستعدادات للاحتفال تمت بأعلى مستويات التنظيم لضمان خروج الحدث بشكل مشرف، مع التأكيد على أهمية الاستماع لآراء الزوار حول جوانب التحسين بهدف تطوير الاحتفالية في السنوات القادمة وتعزيز تجربة السياحة الثقافية في المحافظة.
