الجمعة، 18 ربيع الثاني 1447 ، 10 أكتوبر 2025

رئيس جامعة الأزهر: اختيار لفظ "أكله الذئب" في القرآن دقيق ومعجز

الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر الشريف
الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر الشريف
أ أ
techno seeds
techno seeds
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن قوله تعالى: «قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب»، يمثل نموذجاً بديعاً للدقة البلاغية في التعبير القرآني، حيث اختار القرآن لفظ "أكله" بدلاً من "افترسه"، مع أن الذئب من الحيوانات المفترسة، مما يفتح باباً واسعاً للتأمل في أسرار البيان العربي وإعجاز القرآن الكريم.

وأوضح الدكتور داود، خلال حلقة برنامج "بلاغة القرآن والسنة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن بعض العلماء تساءلوا: لماذا لم يقل القرآن "افترسه الذئب"؟ فلفظ "الافتراس" هو الأشهر في وصف فعل الذئب، لكن الإمام الخطابي –رحمه الله– بيّن أن لكل من اللفظين "أكل" و"افترس" معنى خاصاً لا يغني أحدهما عن الآخر، مشيراً إلى أن الترادف الكامل لا وجود له في اللغة، لأن لكل لفظ دلالة دقيقة وخصوصية تميزه عن غيره.

وبيّن رئيس الجامعة أن لفظ "افترس" يعني القتل ودق العنق مع بقاء أجزاء من اللحم أو العظام، بينما "أكله" تدل على أن الذئب أتى على اللحم والعظم ولم يُبقِ شيئاً، ولهذا قال إخوة يوسف: «أكله الذئب» حتى لا يسألهم أبوهم عن بقايا الجسد لو قالوا "افترسه".

وأشار إلى أن بعض من طعن في بلاغة القرآن زعم أن العرب لا تقول "أكله الذئب"، لكن الإمام الخطابي ردّ عليهم من خلال استقراء كلام العرب، وأثبت أنهم استعملوا لفظ "أكل" مع الضبع، بل ومع البراغيث، كما في قول الشاعر:
«أبا خراشة أما أنت ذا نفرٍ  فإن قومي لم تأكلهم الضبعُ»،
مما يؤكد أن هذا الاستعمال فصيح وله أصل في لسان العرب.

وأكد الدكتور سلامة داود أن هذا المثال يظهر عمق الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم، ويؤكد أن اختيار الألفاظ فيه مقصود لحكمة ومعنى دقيق، وأن فهم هذه الدقائق لا يتأتى إلا بتذوق بلاغة اللغة العربية والتأمل في أسرارها.

وقال: إن هذا النموذج من البيان القرآني يدعو إلى مزيد من الدراسة والتأمل، ويفتح باباً جليلاً من أبواب العلم والبلاغة، يثبت أن كل لفظ في القرآن موضوع في موضعه بدقة وإحكام لا نظير لهما.
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة