أزمة تقاوي البطاطس.. تشهد الأسواق المصرية هذه الأيام أزمة حادة في تقاوي البطاطس، مع ارتفاع غير مسبوق في أسعارها، ما أثار مخاوف المزارعين وأصحاب المشروعات الزراعية الصغيرة والمتوسطة، ويرجع السبب الرئيسي للأزمة إلى تحكم ما يُعرف بـ "مافيا تجار البطاطس" في حركة الاستيراد والتوريد، حيث يسيطرون على كميات التقاوي ويحددون الأسعار بما يخدم مصالحهم، بعيدًا عن أي ضوابط تنظيمية.
هذه السيطرة أدت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي وزيادة المخاطر على الموسم الحالي، ما ينعكس مباشرة على أسعار البطاطس في السوق المحلي ويضغط على المستهلك النهائي.
وتشير المؤشرات إلى أن الأزمة ليست مجرد ارتفاع مؤقت للأسعار، بل تمثل اختلالًا في آليات توزيع التقاوي، يهدد الأمن الغذائي المحلي ويستدعي تدخل الجهات الرسمية لتفعيل الرقابة وضبط السوق قبل تفاقم الأزمة.
ووفقًا لتصريحات حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين والخبير الزراعي لـ "اجري نيوز"، فإن مصر تعد من أكبر الدول الأفريقية إنتاجًا للبطاطس، حيث بلغ الإنتاج المحلي نحو 7 ملايين طن ناتج مساحة الأراضي المزروعة والتي تقدر بـ 600 ألف فدان في جميع أرجاء الجمهورية، ورغم ارتفاع الإنتاج إلا أن معدل صادرات مصر من البطاطس لم يتخطَ المليون طن فقط لا غير.

«مافيا البطاطس» سبب أزمة تقاوى البطاطس
وأشار أبو صدام خلال حديثه إلى أن أساس الأزمة ليس فقط في ارتفاع أسعار التقاوي، بل في سوء إدارة الصناعة، حيث أصبح هناك ارتفاع كبير في مدخلات الزراعة وأهمها التقاوي، وذلك بسبب سيطرة ما يعرف بـ «مافيا البطاطس» على الأسواق المحلية، سواء في استيراد التقاوي أو حتى تصدير المنتج، فنفس الأشخاص يتحكمون في الواردات والصادرات.وفي السياق ذاته، صرح سامح السبكي، أحد أبرز مزارعي البطاطس في محافظة الجيزة، أن الفلاح المصري أصبح يعاني الأمرين خلال الفترة الحالية، مرارة ارتفاع أسعار التقاوي وخاصة المستوردة، وفي نفس الوقت انخفاض أسعار محصول البطاطس، مؤكدًا أن سعر كيلو البطاطس في الأرض في الوقت الحالي لا يتخطى الـ 5 جنيهات، متسائلًا:"كيف للمزارع أن يغطي تكلفة المحصول للعروة القادمة عندما يبلغ سعر طن البطاطس التقاوي نحو 120 ألف جنيه «للتايسون»؟"

حيتان شريكات الاستيراد تضيق الخناق علي المزارعين وتشعل أزمة تقاوي البطاطس
وأوضح السبكي السبب الحقيقي لاستخدامهم الأنواع المستوردة بدلًا من المحلية رغم ارتفاع الأسعار للحد الذي وصفه بـ «مص دم المزارع»، قائلًا: "الأنواع المستوردة يمكن التخلي عنها خلال العروات الصيفية، ولكن العروة الشتوية تحتاج لمواصفات خاصة يكون فيها النبات ذو قدرة على تحمل البرودة ومكافحة الأوبئة الشتوية، وهو ما توفره الأنواع المستوردة."
واختتم السبكي حديثه لـ "اجري نيوز" بمناشدة وزير الزراعة والجهات المعنية بفرض أشد أنواع الرقابة التي تضمن للفلاح والمزارع استمرار أداء أعمالهم.
أزمة تقاوي البطاطس الحالية نتيجة خلل في الإدارة
كشف الخبير التعاوني خالد حماد، عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي، عن الوضع الراهن في صناعة تقاوي البطاطس في مصر، مؤكدًا أن الأزمة الحالية نتيجة خلل في إدارة محصول مهم واستراتيجي للدولة ويعد أحد أهم المحاصيل التصديرية في مصر.
وأوضح حماد أن الحصول على تقاوي البطاطس يخضع لرقابة الجمعية العامة لمنتجي البطاطس والاتحاد العام لمنتجي المصدر والحاصلات البستانية، وهما ما يمثل الجانب الحكومي، كونه جانبًا تعاونيًا، موضحًا أن هذا الجانب يستورد ما يقارب من 80% من حصة مصر من تقاوي البطاطس ليتم توزيعها على المزارعين.
وأكد الخبير التعاوني أن المزارعين تكبدوا خسائر جسيمة بعد انخفاض المحاصيل وأسعار البطاطس في السوق المحلي، مشيرًا إلى أن السبب يعود إلى عدم إضافة قيمة مضافة للمحصول وتحويل المادة الخام مباشرة للتجار والمستهلك بأسعار مرتفعة.
وأضاف عضو الاتحاد الزراعي التعاوني: "ما تمش الزراعة التعاقدية أو نظام الزراعة العقودية مع المصانع.. المزارع منوط أن ينسق لهذه الحالات، عشان القيمة بدل ما تبقى من المادة الخام تطلع للتاجر ثم للمستهلك بأسعار مرتفعة." "لو في قيمة مضافة، هيكون الأسعار مرضية بالنسبة للمزارع، واللي يهمل، المزارع ميخسرش."
مواعيد زراعة البطاطس
وأشار حماد إلى أن السنة الزراعية في تقاوي البطاطس تبدأ من ديسمبر وتمتد حتى فبراير، وأن الاستيراد يبدأ في نفس الفترة، فيما يجب على التعاونيات أن تتدخل عند انخفاض أسعار المحصول لضمان حماية المزارعين، مؤكدًا: "التعاونيات ما بتشتغلش طبقًا للأحكام القانونية، وبالتالي المزارع متروك لوحده."وتابع: "التقاوي المستوردة للعروة القادمة سعرها يتحدد بالدولار ومن الاتحاد المصدرين، وفي التعاونيات والشركات الخاصة تختلف الأسعار."

وأضاف "الأزمة أن الأسعار غالية، وأن الرقابة ضعيفة، ولا توجد تعقديات كثيرة، والحاجة الثانية أنه ليس هناك تصنيع للمحصول، عشان كده جايه أسعاره غالية."
وأكد الخبير أن الحل يكمن في قيام كل جهة بدورها: التعاونيات والزراعات تؤدي مهامها، والاتحاد المصدرين يسوق مع مراعاة مصالح المزارعين، مضيفًا: "لو كله يؤدي دوره، المزارع مش هيخسر، ومش مهم الأسعار رخيصة أو لا.. المهم المزارع ما يخسرش."



