أ
أ
في قلب محافظة الشرقية، وتحديدًا في مركز أبو كبير، تقع قرية
القراموص، التي تحولت من مجرد تجمع ريفي إلى أكبر مركز لإنتاج ورق البردي في مصر
والعالم، لتصبح بذلك حارسة حقيقية على تراث الأجداد وعبق الحضارة الفرعونية.
بفضل مجهودات سكانها وحرصهم على الحفاظ على حرفة فرعونية أصيلة،
أصبحت القراموص رمزًا عالميًا لإحياء فنون الماضي، ووجهة تراثية وسياحية تفتح
أبوابها لكل من يبحث عن سحر التاريخ المصري القديم.
صناعة ورق البردي في القراموص .. أكثر من 50 عامًا من التميز
تعود بدايات زراعة وصناعة ورق البردي في القرية إلى أكثر من خمسة عقود، وتحديدًا على يد الدكتور أنس مصطفى، أستاذ الفنون الجميلة، الذي زرع شتلات البردي أمام منزله، ومنها انتشرت زراعة هذا النبات النادر في القرية بأكملها.

ومنذ ذلك الحين، تخصصت القرية في زراعة نبات البردي وتحويله إلى أوراق طبيعية تُستخدم في الطباعة، والرسم، والنقش، والهدايا التذكارية، ما جعلها تنافس عالميًا في تصدير منتج فريد يعكس هوية مصر التاريخية.
إدراج صناعة البردي على قوائم التراث غير المادي
حرصًا على حماية هذه الحرفة من الاندثار، بادرت محافظة الشرقية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، ومنظمة اليونسكو، إلى إدراج صناعة ورق البردي ضمن قائمة التراث غير المادي، وتم تشكيل لجنة قومية لإعداد ملف الصون العاجل للحرفة.
كما تم إدراج ورق البردي كاستثمار سياحي وثقافي، حيث يُعرض الآن في متاحف ومزارات سياحية داخل مصر وخارجها، ويُستخدم كأداة تعليمية وتراثية في المعارض الدولية.
القراموص تحارب البطالة وتفتح أبواب الرزق للشباب والنساء
ساهمت حرفة ورق البردي في خلق فرص عمل حقيقية لأبناء القرية، خاصة النساء والشباب، حيث تعمل عشرات الأسر في مراحل الزراعة، والتجفيف، والقص، والتصنيع داخل ورش القرية، ما جعلها نموذجًا يحتذى به في مكافحة البطالة من خلال الحرف اليدوية..

القراموص.. عندما يتحول التراث إلى استثمار
ليست مجرد قرية زراعية، بل رمز لإحياء تاريخ طويل من الكتابة والعلوم والفنون. فـورق البردي الذي كتب عليه المصري القديم بلغاته القديمة، لا يزال يُنتج اليوم بنفس الحِرفية في القراموص، ليتحول من تراث فرعوني إلى منتج اقتصادي وسياحي مستدام.