أ
أ
تُعدّ عملية انتقال الماء داخل النبات ظاهرة مذهلة تعتمد على بنية فريدة تسمح بنقل المياه والمغذيات من الجذور إلى كل خلية في النبات، حتى قمم أطول الأشجار، الفضل في هذه الرحلة
تبدأ رحلة الماء بامتصاص الجذور له من التربة، ثم ينتقل صعودًا عبر السيقان ليصل إلى الأوراق، يحمل الماء معه المغذيات الأساسية في رحلة ذهاب وإياب عبر نسيج الخشب، الذي يتكون من أنابيب دقيقة وطويلة تمتد في جميع أنحاء النبات.
آليات صعود الماء إلى أعلى النباتات
تتضافر عدة قوى طبيعية لتمكين النباتات من نقل الماء عكس الجاذبية لمسافات قد تصل إلى عشرات الأمتار:1- الخاصية الشعرية: هي قدرة السائل على التحرك على طول سطح مادة صلبة، في النبات، تجذب جزيئات الماء جزيئات الأنسجة الداخلية (مثل الجذع)، مما يدفع الماء لأعلى.

تدعم هذه الخاصية قوى أخرى مثل:
- الالتصاق: التصاق جزيئات الماء بأنسجة النبات.- التماسك: تماسك جزيئات الماء ببعضها البعض عبر الروابط الهيدروجينية.
- التوتر السطحي: الذي يحافظ على تماسك قطرات الماء.

2- الخاصية الأسموزية (التناضح): تعني قدرة النبات على امتصاص الماء من التربة، في هذه العملية، ينتقل الماء بشكل عفوي من المنطقة ذات التركيز الأعلى للماء إلى المنطقة ذات التركيز الأقل عبر غشاء شبه منفذ، حتى تتساوى التراكيز.
3- الضغط الجذري: قوة تدفع الماء لأعلى عبر نسيج الخشب، وينتج هذا الضغط عن الخاصية الأسموزية في خلايا الجذور. على الرغم من أنه ليس كافيًا وحده لرفع الماء لقمم الأشجار الكبيرة، إلا أنه يُساند بقوى التماسك، الالتصاق، وقوة السحب الناتجة عن النتح.
4- النتح (التبخر من الأوراق): تُعدّ هذه العملية بمثابة "قوة سحب سلبية" رئيسية، يتبخر الماء الزائد من سطح الأوراق عبر مسامات صغيرة تُسمى الثغور. هذا التبخر يخلق قوة سحب مستمرة لعمود الماء داخل نسيج الخشب، لتعويض الماء المفقود، تماسك جزيئات الماء ضروري جدًا لهذه العملية؛ فإذا انقطع عمود الماء بسبب الجفاف، قد يذبل النبات ويموت.
5- التناضح في الجذور والشعيرات الجذرية: تنتقل المياه إلى الخلايا الجذرية عبر التناضح ثم إلى أوعية الخشب، تلعب الشعيرات الجذرية، وهي امتدادات دقيقة للجذور، دورًا حاسمًا في زيادة مساحة السطح لامتصاص الماء والمغذيات من التربة بفعالية.
النقل عبر الأنسجة الوعائية
• نسيج الخشب: موجود في جميع النباتات الوعائية، وهو المسؤول عن نقل وتخزين الماء والمعادن والمغذيات المذابة من الجذور إلى باقي أجزاء النبات. يتكون من خلايا متخصصة تُعرف بالقصيبات، وتتميز بخلايا ليفية لدعم وحماية النسيج.• نسيج اللحاء: وظيفته الأساسية هي نقل الغذاء، مثل السكريات والمغذيات المصنعة في الأوراق، إلى باقي أجزاء النبات بما في ذلك الجذور. ينتقل الماء أيضًا إلى اللحاء بالتناضح، وذلك نتيجة لنقل السكروز الذي يرفع الضغط الأسموزي ويجذب الماء من الخشب.

مستويات انتقال الماء في النبات
يمكن أن ينتقل الماء في النبات على ثلاثة مستويات:
1- النقل الخلوي: انتقال المواد المذابة والأيونات عبر أغشية الخلايا، مثل الانتشار البسيط أو التناضح.2- النقل لمسافة قصيرة (جانبي): حركة الماء والمواد المذابة داخل أنسجة النبات على مستوى الأنسجة أو الأعضاء.
3- النقل لمسافة بعيدة: يحدث داخل الأنسجة الوعائية (الخشب واللحاء) لنقل الماء والمغذيات إلى جميع أجزاء النبات بعد امتصاصها من الجذور.
سرعة انتقال الماء والعوامل المؤثرة
تتغير سرعة انتقال الماء في النبات من ساعة لأخرى، وتكون أسرع خلال النهار (خاصة في الصباح الباكر) بسبب زيادة معدلات النتح التي تدفع الماء لأعلى، تعتمد السرعة أيضًا على مقاومة حركة الماء في النبات والقوة الدافعة للنتح، وهي الاختلاف في تركيز الماء بين التربة والبيئة المحيطة بالنبات.
العوامل المؤثرة على معدلات انتقال الماء:
• الرطوبة: كلما قلت الرطوبة، زاد النتح وزادت سرعة الانتقال.• الرياح: تزيد من معدل تبخر الماء من الأوراق.
• شدة الضوء: تؤثر على فتح وغلق الثغور وبالتالي على النتح.
• درجة الحرارة: ارتفاعها يزيد من معدل التبخر.
باختصار، يعمل النبات كنظام هيدروليكي معقد، حيث يمتص الماء والأملاح من التربة وينقلها عبر شبكة متكاملة من الأنسجة والآليات الفسيولوجية لضمان بقائه ونموه.