أ
أ
تولي الدولة المصرية اهتماماً متزايداً بمحصول الذرة الصفراء، نظراً لدوره الاستراتيجي في دعم صناعات الأعلاف والزيوت, وفي إطار هذا التوجه، كشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن خطط طموحة لزيادة المساحات المزروعة من الذرة الصفراء، معتمدة بشكل كبير على منظومة الزراعة التعاقدية.
نمو غير مسبوق في المساحات المتعاقد عليها
أكدت الدكتورة هدى محمد رجب، رئيس مركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة، أن الزراعة التعاقدية تُعد آلية محورية لتطوير القطاعين الزراعي والصناعي معاً، بما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فاتورة الاستيراد, وكشفت عن أرقام لافتة تعكس نجاح هذه المنظومة:
-ارتفعت المساحات المتعاقد عليها من الذرة الصفراء بشكل هائل من 16 ألف فدان في عام 2021 إلى 674 ألف فدان حاليًا.
-يستهدف المركز زراعة مليون فدان من الذرة الصفراء بنهاية عام 2025، وهو ما سيصل بالإنتاج إلى نحو 2.7 مليون طن.
-قفزت كميات التوريد من 47 ألف طن إلى مليون و670 ألف طن.
-زاد عدد الشركات المتعاملة مع المركز من 5 إلى 35 شركة، مع خطة للوصول إلى 60 شركة.
-جاء ذلك خلال ندوة نظمتها غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، حيث تم التأكيد على أن التوسع في الإنتاج الزراعي عبر الزراعة التعاقدية والتكامل مع القطاع الصناعي هو ركيزة أساسية لتحقيق الوفرة في الخامات المحلية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وبالتالي سد الفجوة الدولارية وتعزيز الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المستدامة.

الزراعة التعاقدية: الحل الأمثل لسد فجوة الزيوت النباتية
أشارت الدكتورة هدى رجب إلى وجود فجوة كبيرة في إنتاج الزيوت النباتية، والتي تستنزف العملة الصعبة, واعتبرت أن الزراعة التعاقدية هي الحل الأمثل لسد هذه الفجوة، مستشهدة بنجاح هذا النظام في دول مثل الولايات المتحدة، وكينيا، والصين، وتركيا, ودعت إلى التوسع في زراعة محاصيل السمسم، دوار الشمس، فول الصويا، والذرة بنوعيها (البيضاء والصفراء)، لتلبية احتياجات مصانع الصناعات الغذائية وتقليل فاتورة الاستيراد, وأكدت على التعاون مع معهد المحاصيل الحقلية لاختيار الأصناف عالية الإنتاجية.
وشددت رئيس مركز الزراعات التعاقدية على ضرورة تعزيز التنسيق بين وزارات التموين والزراعة والصناعة والتجارة الخارجية لدعم منظومة الزراعة التعاقدية، وفتح فرص أكبر أمام المنتجات التعاقدية في الأسواق المحلية والعالمية، خاصة في ظل الأزمات وتقلبات الأسواق الدولية.

ربط الصناعة بالزراعة: نموذج بنجر السكر الناجح
من جانبه، أشار الدكتور رضا عبد الجليل، مدير عام الشؤون الفنية بالغرفة، إلى أن الزراعة التعاقدية تمثل آلية محورية لربط الصناعة بالزراعة، وتوفير احتياجات الصناعات الغذائية من خامات الإنتاج, وأكد أنها تضمن سعراً عادلاً للمزارع وجودة مضمونة للصانع واستقراراً للسوق للمستهلك.
واعتبر الدكتور عبد الجليل أن محصول بنجر السكر يمثل نموذجًا ناجحًا لهذا النظام، حيث أتاح التعاقد المسبق بين شركات إنتاج السكر والمزارعين تحقيق الاستقرار والتوسع, وشدد على أن الزراعة التعاقدية أثبتت نجاحًا كبيرًا في دعم سلاسل الإمداد، خاصة في ظل اضطرابات الأسواق العالمية، مما جعلها خيارًا استراتيجيًا للعديد من الصناعات الغذائية.
واختتم الدكتور عبد الجليل حديثه بالإشارة إلى أن مصر تحتل مراكز متقدمة عالميًا في تصدير الفراولة، والموالح، والبطاطس، والنباتات الطبية والعطرية، مما يعكس كفاءة منظومتها الزراعية, وأكد أن الغرفة تعمل على تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمزارعين والمصانع لضمان الوفرة المحلية، وتوازن الأسعار، وتحقيق التكامل بين المصلحة الاقتصادية ومقتضيات الأمن الغذائي.