تعتبر الميرمية (Salvia officinalis) من النباتات الطبية العريقة التي تنتمي إلى الفصيلة الشفوية، وتنتشر في مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تتميز بأوراقها الرمادية المخضرة وزهورها البنفسجية أو الزرقاء.

وتعد الميرمية من النباتات الطبية ذات التاريخ الطويل في الطب التقليدي، حيث استُخدمت منذ العصور الإغريقية والرومانية لعلاج الأمراض وتحسين الهضم وتقليل الالتهابات، وقد تم وصفها ضمن العلاجات الفعالة.

وخلال العصور الوسطى، عُرفت بـ"نبتة الخلود" لما نُسب إليها من فوائد في تعزيز الصحة العامة. وفي الطب العربي القديم، استُخدمت لعلاج اضطرابات المعدة، وتسكين الآلام، وتحسين المزاج، ولا تزال تُستخدم حتى اليوم في الطب البديل والعلاج بالأعشاب، خاصة في تحضير الشاي والزيوت والمستحضرات الطبيعية لعلاج مشكلات صحية متنوعة.

التركيب الكيميائي لنبات الميرمية

تتميز الميرمية بتركيبة كيميائية غنية ومتنوعة تُفسّر إلى حد كبير خصائصها البيولوجية والعلاجية. وتحتوي على عدد من المركبات النشطة بيولوجيًا التي تنتمي إلى مجموعات كيميائية متعددة، من أبرزها :

1- الزيوت الطيارة  

 تعتبر الزيوت الطيارة من أهم مكونات الميرمية، وتشمل مركبات فعالة مثل الثوجون (Thujone)، السينيول (Cineole)، والكافور، والتي تسهم في خصائصها المطهرة، والمنشطة، والمضادة للميكروبات.

ويعد الثوجون يُعد مركبًا ذو سمّية محتملة عند استهلاكه بكميات مفرطة، لذا يُوصى باستخدام الميرمية ضمن الجرعات الموصى بها وتحت إشراف مختص.

2- الفلافونويدات  

 تحتوي الميرمية على مجموعة من الفلافونويدات، وهي مركبات نباتية متعددة الفوائد تُعرف بخصائصها القوية كمضادات أكسدة ،حيث  تسهم هذه المركبات في حماية الخلايا من الأضرار الناتجة عن الجذور الحرة، وتدعم التأثيرات المضادة للإلتهاب.

3- الأحماض الفينولية  

يعد حمض الروزمارينيك  من أبرز الأحماض الفينولية في الميرمية، ويتمتع بفاعلية عالية كمضاد للإلتهاب والأكسدة، مما يجعله مساهمًا رئيسيًا في التخفيف من الإلتهابات المزمنة والوقاية من الأضرار الخلوية.

4- التانينات 

تحتوي الميرمية على التانينات، وهي مركبات ذات تأثير قابض تساهم في تقوية الأنسجة وتقليل النزيف الخفيف، كما تُظهر بعض الفاعلية في تقليل إفرازات الأغشية المخاطية، مما يعزز أستخدامها في علاج بعض حالات التهاب الفم والحلق.

الفوائد الصحية والطبية  لنبات الميرمية 
1- دعم الوظائف المعرفية وتحسين الذاكرة 

حيث يساهم  مستخلص الميرمية في تعزيز القدرات الإدراكية، مثل التركيز والانتباه والذاكرة، ويُظهر فاعلية في تحسين أعراض مرض الزهايمر بدرجتيه الخفيفة والمتوسطة، ويرجع هذا إلي تأثير بعض مركبات الميرمية في نشاط الناقلات العصبية، لاسيما الأسيتيل كولين.

2- الخصائص المضادة للأكسدة والإلتهاب 

حيث تحتوي الميرمية على مركبات طبيعية فعالة، مثل حمض الروزمارينيك والفلافونويدات، التي تُظهر خصائص قوية كمضادات أكسدة. وتلعب هذه المركبات دورًا مهمًا في تقليل الإجهاد التأكسدي والحد من الإلتهابات، مما يسهم في الوقاية من عديد من الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب وبعض أنواع السرطان.

3- تعزيز صحة الجهاز الهضمي  

حيث تُستخدم الميرمية تقليديًا لتخفيف اضطرابات الجهاز الهضمي، حيث تُظهر فاعلية في تقليل التقلصات المعوية والغازات، كما تساعد في تحسين عملية الهضم. كما أنها قد تكون مفيدة في حالات عسر الهضم والإسهال الخفيف، بفضل خصائصها المضادة للتشنج والمطهرة.

4- تنظيم التعرق ودعم التوازن الحراري في الجسم  

حيث أنها  تساهم في تقليل التعرق الزائد، وخاصة لدى النساء خلال مرحلة انقطاع الطمث، حيث تساعد في التخفيف من حدة الهبّات الساخنة وتنظيم حرارة الجسم.

5- علاج التهابات الفم واللثة 

حيث تُستخدم الميرمية في تحضير محاليل الغرغرة والمضمضة للمساعدة في علاج التهابات اللثة، قرح الفم، والتهابات الحلق، وذلك نظرًا لخصائصها المضادة للبكتيريا والمطهّرة.

6- تخفيف آلام الدورة الشهرية  

الميرمية قد تساعد في تقليل تقلصات الرحم المرتبطة بعسر الطمث، بفضل تأثيرها المهدئ على العضلات الملساء، مما يجعلها خيارًا طبيعيًا لتخفيف الأعراض المصاحبة للدورة الشهرية.

7- الحد من القلق وتحسين جودة النوم 

تحتوي الميرمية على مركبات تُظهر تأثيرات مهدئة على الجهاز العصبي المركزي، مما قد يسهم في تقليل مستويات القلق وتحسين نوعية النوم، ويقترح أستخدامها كمكمل طبيعي في حالات الأرق الخفيف أو التوتر النفسي.

8- دعم صحة الجهاز التنفسي

 تُستخدم أوراق الميرمية في تحضير مشروبات عشبية أو تضاف إلى البخار للإستنشاق و فتح المجاري التنفسية ، للمساعدة في التخفيف من احتقان الحلق، السعال، ونزلات البرد، بفضل خصائصها المطهّرة.

إعداد 
د/ حنان عبدالكريم غنام 
باحث بقسم بحوث تكنولوجيا الحاصلات البستانية
معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية - مركز البحوث الزراعية