أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصاديّة والتعاون الدولي عن ارتفاع مُعدّل نمو الناتج الـمحلي الإجمالي لـمصر خلال الرُبع الرابع من العام الـمالي 24/2025، حيث سجّل نسبة 5%، مُقارنة بمُعدّل النمو الـمُتواضع الذي تم تسجيله خلال الرُبع الـمُناظِر من العام الـمالي السابق والذي بلغ 2.4%. وقد ساهم هذا الأداء في رفع مُعدّل النمو السنوي للعام الـمالي 24/2025 ليُسجّل نحو 4.4%، مُقارنة بمُعدّل النمو الذي تم تسجيله خلال عام 23/2024البالغ 2.4%، مُتجاوزًا بذلك مُعدّل النمو الـمُستهدف للعام وهو 4.2%. وقد جاء هذا النمو مدفوعًا باستمرار الحكومة في الالتزام بأجندة الإصلاح التي تم وضعها في إطار البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكليّة، والذي يستهدف تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز حوكمة الإنفاق الاستثماري، وتحفيز القُدرة التنافسيّة للاقتصاد الـمصري، وتفعيل دور القطاع الخاص بما يضمن الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي.
أكّدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الاقتصاد المصري واصل تعافيه القوي خلال الربع الرابع من العام المالي 2024/2025، مسجّلًا معدل نمو قدره 5%، وهو الأعلى منذ ثلاثة أعوام، ليصل معدل النمو السنوي في 2024/2025 إلى 4.4%، بما يعكس صلابة الاقتصاد المصري في مواجهة الصدمات الخارجية، ويأتي ذلك على خلفية السياسات الداعمة لاستقرار الاقتصاد الكلي والالتزام بحوكمة الاستثمارات العامة، التي تنتهجها الدولة، فضلا عن تنفيذ السياسات والاجراءات في إطار البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أن معدل النمو خلال العام المالي 2024/2025 الذي تجاوز التوقعات الأولية، جاء مدفوعًا بالأداء القوي للصناعات التحويلية غير البترولية، والسياحة، والاتصالات، والوساطة المالية وهو ما يعكس نموذج اقتصادي يرتكز على القطاعات الأعلى انتاجية والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية، مستفيدة في ذلك مما تم إنجازه من بنية تحتية متطورة تُمثل قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار، وفق ما تم توضيحه تفصيلا في «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل» التي أطلقت يوم 7 سبتمبر الجاري.
وقد جاء النمو الذي شهِده الرُبع الرابع من العام الـمالي 24/2025 مدفوعًا بشكل أساسي باستمرار تعافي نشاط الصناعة التحويليّة غير البتروليّة ليُسجّل 18.8% خلال الرُبع الرابع من العام الـمالي 24/2025 ونحو 14.7% خلال العام الـمالي 24/2025، مُتجاوزًا بذلك مرحلة الانكماش الذي شهِدها خلال العامين السابقين. بحيث يتزامن النمو الـملحوظ في الإنتاج الصناعي مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لدعم النشاط الصناعي من خلال تسهيلات الإفراج الجمركي عن السلع الصناعيّة.
وقد ظهر ذلك جليًا في نمو مُؤشّر الرقم القياسي للصناعة التحويليّة غير البتروليّة بنحو 18.8% في الـمُتوسّط خلال الرُبع الرابع من العام الـمالي؛ حيث شهِدت عِدّة صناعات نموًا مُرتفعًا منها صناعة الـمركبات ذات الـمُحرّكات، والـمُستحضرات الصيدلانيّة والدوائيّة، والـملابس الجاهزة، بنحو 126%، 52%، 41%، على التوالي، هذا بالإضافة إلى تحسّن أداء الصادرات، حيث حقّقت صادرات السِلع تامة الصُنع زيادة بلغت 12.8% خلال الرُبع الرابع، مدفوعًا بنمو عدد من القطاعات التصديريّة ومنها صادرات الـمُحضّرات الغذائيّة الـمُتنوّعة بنحو 31.1% وصادرات قطاع الـملابس الجاهزة بنحو 29.2% وصادرت مُستحضرات العطور والتجميل بنسبة 52.7%.
كذلك سجّل نشاط السياحة (الـمطاعم والفنادق) مُعدّل نمو ملحوظ خلال الرُبع الرابع بلغ نحو 19.3% وهو ما ساهم في استحواذ القطاع على أعلى مُعدّل نمو سنوي للعام الـمالي 24/2025 بلغ نحو 17.3% ويرجِع ذلك إلى زيادة حجم الاستثمارات الـمُوجّهة للبنية التحتيّة السياحيّة، وتوسيع الطاقة الاستيعابيّة للفنادق، وتحسين جودة الخدمات، وتبنّي أساليب تشغيل وتسويق مُبتكرة. الأمر الذي انعكس على جذب أكثر من 17 مليون سائح خلال العام بمُعدّل نمو بلغ 16.4% بجانب ارتفاع عدد الليالي السياحيّة بنحو 16.3% لتصِل إلى نحو 179 مليون ليلة خلال العام.
وبالـمثل، شهِد نشاط الاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات نموًا خلال الرُبع الرابع من العام الـمالي بلغ نحو 14.6%، ووصل مُعدّل النمو السنوي للعام الـمالي 24/2025 إلى نحو 13.8% وذلك في إطار تنفيذ مُستهدفات استراتيجيّة مصر الرقميّة 2022-2026، والتوسّع في الاستثمار في البنية التحتيّة الرقميّة، وإطلاق شبكات الجيل الخامس، وزيادة عدد شركات التعهيد بنسبة 180% لتصِل إلى 186 شركة، وذلك في إطار استراتيجيّة "مصر الرقميّة لتنمية صناعة التعهيد".
كما شهِدت عِدّة قطاعات اقتصادية مُعدّلات نمو ملحوظة خلال العام ومنها نشاط الوساطة الـماليّة (12.16%)، والنقل والتخزين (7%)، والتأمين (5.6%)، والكهرباء (5.3%)، والخدمات الاجتماعيّة (4.7%) بما يشمل الصحة والتعليم، والتشييد والبناء (4.1%)، وهو ما يعكِس تنوّع مصادر نمو الاقتصاد الـمصري بما يتوافق مع رؤية الدولة لتنويع هيكل الاقتصاد ودفع مُعدّلات التنمية في جميع القطاعات.
وعلى صعيد آخر، سجّل نشاط قناة السويس مُعدّل انكماش سنوي بلغ نحو 52% خلال العام الـمالي 24/2025، وكذلك تراجُع بنسبة 5.5% خلال الرُبع الرابع من العام وإن كان بمُعدّل مُنخفض بشكل ملحوظ، بسبب تأثير سنة الأساس، مُقارنة بالرُبع الـمُناظِر من العام السابق الذي انكمش فيه النشاط بنسبة 68.2% جرّاء الانخفاض في أعداد السُفُن العابرة بقناة السويس وحمولاتها الأمر الذي دفع هيئة قناة السويس لتقديم حزم تحفيزيّة وتخفيض رسوم العبور للتخفيف من حِدّة التأثير السلبي.
شهِد قطاع الاستخراجات تناقصًا بنسبة تقارب 9%، نتيجة لانكماش نشاطي البترول والغاز الطبيعي بنحو 7.5% و19.1% على التوالي. وعلى الرغم من الانكماش الـمُحقّق، إلا أن وتيرة الانخفاض في قطاع الاستخراجات بدأت في الانحسار خلال الرُبع الرابع من العام الـمالي حيث سجّلت نحو 7.4% بسبب أعمال التنمية التي جرى تنفيذها في حقول الغاز الطبيعي بالبحر الـمُتوسط وخليج السويس وغيرها من مكامن الغاز الـمصريّة.
وبالنسبة إلى جانب الإنفاق، شهد الربع الرابع تحسن لافت في مساهمة الاستثمار والمخزون، والتي تحولت من مساهمة سالبة بلغت -0.94 نقطة مئوية في الربع الرابع من 2023/2024 إلى مساهمة موجبة قدرها 4.74 نقطة مئوية في الربع الرابع من 2024/2025. ويعد هذا التحول مؤشرًا مهمًا على استعادة الثقة في مناخ الاستثمار المحلي وتعزيز دور التكوين الرأسمالي في دفع النمو الاقتصادي.
وفيما يتعلق بالاستثمارات المنفذة، كشفت البيانات عن تسجيل إجمالي الاستثمارات نحو 1.23 تريليون جنيه بالأسعار الثابتة في العام المالي 2024/2025، بزيادة طفيفة عن العام المالي السابق الذي سجل 1.21. ورغم أن القيمة الكلية تبدو شبه مستقرة، إلا أن اللافت هو التحول الهيكلي في مكونات الاستثمار. فقد تراجعت قيمة الاستثمار العام، لتهبط مساهمته من 51.2% في العام المالي 2023/2024 إلى نحو 43.3% من إجمالي الاستثمار والمخزون في العام المالي 2024/2025، بينما ارتفعت مساهمة الاستثمار الخاص من 38.8% إلى حوالي 47.5% من الإجمالي في العام المالي الحالي، وهو أعلى مستوى خلال الخمس سنوات الأخيرة. ويعكس هذا التحول توجه الدولة نحو حوكمة الاستثمارات العامة وترشيدها، بالتوازي مع تعزيز دور القطاع الخاص وتحفيزه لقيادة الاقتصاد، بما يسهم في رفع كفاءة توظيف الموارد وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد.
شهدت التجارة الخارجية خلال العام المالي 2024/2025 أداءً قويًا، حيث ارتفعت الصادرات السلعية والخدمية بالأسعار الثابتة بنسبة 23.7% لتصل إلى 1.7 تريليون جنيه، مدعومة بزيادة صادرات السلع تامة الصنع بنسبة 12.8%، إلى جانب ارتفاع صادرات الوقود والمواد الخام بنسب 29.4% و23.9% على التوالي. وفي المقابل، سجلت الواردات نموًا يعكس دعم النشاط الإنتاجي والاستثماري، إذ استحوذت السلع الوسيطة على 34.5% من الإجمالي بنمو لافت بلغ 55.3%، كما ارتفعت واردات الوقود بنسبة 27%.
وعلى الرغم من حالة عدم اليقين العالـميّة، والتوتّرات الجيوسياسيّة التي شهِدتها الـمنطقة خلال الفترة الـماضية، فقد تجاوز مُعدّل النمو السنوي للعام الـمالي توقّعات الـمُؤسّسات الدوليّة وقد جاء هذا الأداء القوي مدعومًا بالجهود الحالية في تنفيذ الإصلاحات الهيكليّة، لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلّي، وتحفيز دور القطاع الخاص في دفع عجلة الانتاج، إلى جانب ضبط أوضاع الـماليّة العامة بما ينعكس إيجابًا على تحقيق نمو مُستدام ويدعم مُناخ الاستثمار.