تعيش الصناعة المحلية المصرية مرحلة مهمة من التطور والفرص الواعدة، حيث تفتح أمامها آفاقا جديدة للمنافسة على المستوى الإقليمي والدولي، وتأتي هذه الفرصة من خلال الشراكة مع شركات عالمية متخصصة، ما يسهم في تلبية احتياجات السوق المحلي، وسد الفجوة الاستيرادية، مع إمكانية التوسع في التصدير للأسواق الخارجية واستهداف الأسواق الإفريقية، وتعمل الدولة بقوة على تهيئة مناخ صناعي متطور، يضمن نجاح المشروعات المحلية ويعزز مكانة مصر الصناعية إقليميا و دوليا ، بما يواكب توجهات التنمية المستدامة ويعزز تنافسية الاقتصاد الوطني.
وقالت الدكتورة رشا السلاب، أستاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس، أن مصر تستهدف التحول إلى مركز صناعي وتجاري إقليمي عبر استراتيجيات متكاملة تهدف لتحفيز التصنيع المحلي، تعزيز الصادرات، واستغلال الفرص التجارية الإقليمية والدولية، موضحا أن الدولة تعمل على خطط طموحة تهدف لزيادة صادراتها إلى نحو 145 مليار دولار بحلول عام 2030، مع جذب استثمارات جديدة للقطاعات الصناعية والتصديرية.
الاستراتيجية الوطنية للحكومة
وأوضحت « السلاب» في تصريحات خاصة لـ " اجرى نيوز" أن الاستراتيجية الوطنية للحكومة، تشمل عدة محاور رئيسية، أبرزها تشجيع بدائل الاستيراد عبر توطين إنتاج السلع الاستراتيجية، وتحفيز الصناعات المرتبطة بسلاسل القيمة المحلية، بالإضافة إلى تطوير المناطق الاقتصادية والصناعية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمناطق الحرة لتسهيل حركة التصدير وجذب رؤوس الأموال.
وفيما يتعلق بالأسواق الأفريقية، أكدت أن مصر تعمل على تعزيز حضورها عبر اتفاقيات التجارة الحرة، ونقل الأنشطة اللوجستية والصناعية إلى مواقع استراتيجية، مع التركيز على قطاعات تمتلك ميزة تنافسية مثل الأغذية المعلبة، الأسمدة، والمنتجات الكيماوية والمنسوجات.
تفعيل دور المنصات المركزية
وتابعت، أن الحكومة تسعى أيضًا لتفعيل دور المنصات المركزية مثل بورصة السلع بهدف تنظيم استيراد وتخزين السلع الأساسية، وتأمين احتياجات السوق المحلي مع تقليل التقلبات السعرية، موضحا أن الدولة تحرص على دعم التصدير عبر حوافز مالية ولوجستية ومبادرات لتعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة.
واختتمت حديثها أن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات أبرزها التقلبات الدولية في أسعار الطاقة والسلع، والضغوط المتعلقة بالامتثال للمعايير البيئية العالمية، إلى جانب الحاجة لتحسين البنية التحتية والربط اللوجستي داخل القارة الأفريقية.
في السياق ذاته، أشارت السلاب إلى أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لضمان تنفيذ ناجح للخطط الحكومية، مؤكدة أن مصر تمتلك نقاط قوة بارزة مثل الموقع الجغرافي الاستراتيجي والبنية التحتية المتطورة التي تساهم في تعزيز تنافسيتها إقليميًا ودوليا

رؤية مصر لتلبية احتياجات السوق المحلي
والتقط أطراف الحديث، الدكتور هاني أبو الفتوح، قائلا " إن رؤية مصر لتلبية احتياجات السوق المحلي وسد الفجوة الاستيرادية تتسم بالوضوح والتسلسل المنطقي، حيث تستهدف تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات من خلال التركيز على القطاعات الصناعية الرئيسية، موضحا أن الحكومة المصرية تسعى إلى تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الصناعية من خلال عدة سياسات نقدية ومالية، بما في ذلك تسهيل إجراءات التراخيص وتخفيض الضرائب على بعض القطاعات".
المحرك الأساسي لرؤية تلبية احتياجات السوق
وأوضح في تصريح لـ " اجري نيوز" أن المحرك الأساسي لهذه الرؤية يكمن في زيادة الإنتاج المحلي لتلبية احتياجات السوق وتقليل الفجوة الاستيرادية، يشمل ذلك القطاعات الحيوية مثل الصناعات التحويلية، خاصة في مجالات الطاقة، الأسمدة، والمواد الكيميائية، إضافة إلى الصناعات الغذائية، مضيفا أن الحكومة المصرية تبذل جهداً كبيراً في توفير حوافز للمستثمرين الصناعيين، مثل خفض الرسوم الجمركية وتقديم التمويل بأسعار فائدة منخفضة، مع التركيز على الإصلاحات الهيكلية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
وأكد أن بناءً على بيانات البنك المركزي المصري، تم تسجيل نمو في بعض القطاعات الصناعية خلال العامين الماضيين، حيث شهد قطاع الصناعات التحويلية غير النفطية نمواً بنسبة 4.4% في السنة المالية 2024/2025 مقارنة بالسابق، في المقابل، لا تزال مصر تواجه تحديات في تقليص حجم الواردات، التي لا تزال تشكل عبئاً على الميزان التجاري، حيث بلغت الواردات المصرية 72.1 مليار دولار في السنة المالية 2023/2024، مع زيادة طفيفة في الصادرات غير النفطية بنسبة حوالي 3.9% لتصل إلى 26.8 مليار دولار في ذات الفترة.
واختتم حديثه بأن التحسن المرتقب في زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الواردات يعتمد بشكل رئيسي على نجاح الإصلاحات الهيكلية في القطاعات الصناعية، فهذه الإصلاحات تشمل دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي من شأنها تنويع الإنتاج المحلي وخلق فرص عمل جديدة، مع ذلك، لا يمكن اعتبار التحسن نتيجة مباشرة لزيادة التدفقات المالية قصيرة الأجل فحسب، بل هو انعكاس للإصلاحات الهيكلية التي تم اتخاذها، مع مراعاة التحديات مثل التضخم والتوترات الجيوسياسية.





