تُعد قرية جريس في مركز أشمون بمحافظة المنوفية واحدة من أشهر وأقدم القرى التي لا تزال تحتفظ بجمال وفن صناعة الفخار، وهي تمثل شاهدًا حيًا على تاريخ طويل من الحرف اليدوية التي تمثل جزءًا لا يتجزأ من التراث المصري العريق.

عندما تتجول في شوارع وأزقة جريس، تجد نفسك محاطًا بعالم من الأشكال والألوان، حيث تتناثر حولك منتجات الفخار التقليدية التي صنعت بأيدٍ ماهرة عبر أجيال متعددة. من "الأباريق" و"الزير" إلى "البلاليص" و"المقالى"، تبرز هذه المنتجات كقطعة من تاريخ وحضارة مصر التي توارثتها الأجيال رغم التحديات التي تواجهها صناعة الفخار في العصر الحديث.

صناعة الفخار في جريس بين التراث والتحديات

يقول أحد حرفيي الفخار في جريس: "نحن نعمل في هذه المهنة منذ سنوات طويلة، والجميع في عائلتنا يشارك في صناعة الفخار بدءًا من جمع الخامات، مرورًا بتصنيع القطع، وصولاً إلى بيعها للزبائن." هذه الكلمات تلخص روح التعاون والعمل الجماعي في القرية، حيث تشارك الأسرة بأكملها في مختلف مراحل الإنتاج.

على الرغم من أن منتجات الفخار تواجه العديد من التحديات مثل قلة الطلب بسبب التوسع في الأساليب الحديثة، إلا أن أبناء جريس لا يتركون هذه الحرفة تندثر. 

هم يسعون جاهدين للحفاظ على هذه الصناعة التراثية الفريدة، مع محاولات مستمرة لتطويرها وابتكار تصاميم جديدة تستقطب الأذواق المعاصرة.

القرية التي تجسد عبق التاريخ والفن

الزائر لجريس لا يقتصر اهتمامه على رؤية المنتجات فقط، بل يتأمل في عملية صناعة الفخار التي تجسد عمق الحرفة وفنها. من الصبغ والتشكيل وحتى الحرق في الأفران التقليدية، تجد أن كل قطعة تحمل بصمة من تاريخ القرية العريق وحب أبنائها لهذه الصناعة.

ومن خلال هذه الصناعة، يساهم أهل جريس في حفظ جزء من التراث المصري، حيث أصبح الفخار جزءًا من الحياة اليومية في القرية، ويعتبره الكثيرون رمزًا للصمود أمام التغيرات الزمنية والتقنيات الحديثة.

في الختام، تبقى قرية جريس مركزًا نابضًا بالحياة، حيث لا تزال صناعة الفخار تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على التراث المصري، وتظل رمزًا للتمسك بالجذور والابتكار في الوقت نفسه.