أ
أ
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة، اليوم الجمعة 5 سبتمبر 2025 الموافق 13 ربيع الأول 1447هـ، بعنوان: "مولد الهادي البشير صلى الله عليه وسلم".
وأكدت الوزارة في بيانها، على جميع الأئمة والخطباء، ضرورة الالتزام بموضوع الخطبة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد وقتها عن 15 دقيقة للخطبتين الأولى والثانية، تحقيقًا للمقاصد الدعوية والوصول برسالة الخطبة للمصلين بوضوح.
نص خطبة الجمعة اليوم 5 سبتمبر 2025
مولد الهادي البشير صلى الله عليه وسلم
الحمد لله الذي أنار الوجود بطلعة خير البرية، قمر الهداية وكوكب العناية الربانية، مصباح الرحمة المرسلة، وشمس دين الإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وتاج رءوسنا وبهجة قلوبنا وقرة أعيننا محمدًا عبدُه ورسوله، من تولاه مولاه بالحفظ والحماية والرعاية السرمدية، وأعلى مقامه فوق كل مقام، وشرف أمته على الأمم السابقة القبلية، فنالت به درجة القرب والسعادة والاحترام، وأنزل تشريفها في محكم الآيات القرآنية، حيث قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}، وبعد:
فإنما تشرف الأوقات وتسمو اللحظات بقدر ما تجلى الله فيها على عباده من عطايا ونفحات، ولكن تبقى أعظم لحظات الكون تلكم اللحظة اللطيفة التي فاضت فيها معاني الجود الرباني والعطاء الإلهي، فأذن الله فيها لشمس الهداية الربانية أن تشرق، ولدرة تاج الجنس البشري أن تتلألأ، من هنا كان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي قال الحافظ السخاوي رحمه الله عنه: "لو لم يكن فيه إلا إرغام الشيطان وسرور أهل الإيمان من المسلمين لكفى، ما زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم".
إنه ذلكم اليوم الأغر البهيج الذي ولد فيه الجناب المحمدي الشريف، وأشرقت فيه شمس النبوة، فملأت الوجود صفاء ونقاء، وكست الأرض بهاء وجمالًا، فالكون في انتظار تشريف من قال الله في حقه: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
أبان مولده عن طيب عنصره * يا طيب مبتدأ منه ومختتم
أيها المحب لنبيك صلى الله عليه وسلم، في هذا الشهر الميمون المفخم برز إلى الدنيا منبع السعادات، وعين الفيوضات، ومعدن التجليات، رمز الهداية، وينبوع الفضائل، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، واللواء المعقود، والشفيع في اليوم المشهود، بعثه الله سبحانه وتعالى على حين فترة من رسله، فجدد به عهد الأرض بالسماء، وفتح بحضرته بابا من أبواب الوصل بالمولى لا ينقطع أبدًا، فكان للخلق نورًا ورحمة، وعناية ولطفًا وبركة، فرفع الله قدره، وشرح صدره، وأعلى ذكره، وجمل به ختم الرسالة، فما أجمل هذا الوصف البديع من اللسان المحمدي الشريف: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا، فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين».
أيها الكرام، ما أعظم أن نرتوي في ربيع الأنوار من سيرة الجناب المعظم، فهي مسيرة إحياء، وعناقيد نور وضياء، ومنار اهتداء، وصناعة حضارة وبناء، فالتضلع من سيرته الشريفة تملأ النفوس والأرواح بالتشوق والتخلق والتحقق والتعلق بالذات المحمدية الشريفة، فالجناب المعظم سمح كريم، إذا أعطى أجزل العطاء، وإذا عفا صفح عن الأخطاء، فالصدق حرفته، والأمانة ثروته، والخلق العظيم شيمته، فهو أجود الناس يدا، وأبدعهم لسانا، وألينهم جانبا، يردد بلغة تواضعه: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر، ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر».
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، علموا أولادكم كيف يكون حب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عطروا ألسنتكم ومجالسكم بذكر سيرته، فإن الجناب المعظم صلوات الله وسلامه عليه روح تسري، ونبض يحيي، كلامه كالدر المنثور، وكالروضة في زهور، يتردد اسمه الشريف فتستنير به القلوب، وتطمئن به النفوس، وتسعد به الأرواح، أعلى الله مكانته، ورفع منزلته، وأخذ المواثيق على أنبيائه ورسله {لتؤمنن به ولتنصرنه}، وجعل الصلاة عليه حاضرة مع التشهد في آخر كل صلاة؛ ليبقى التعلق بحضرته حاضرًا فيما بين كل صلاة وصلاة؛ ليصدق فينا هذا السر المكنون {واعلموا أن فيكم رسول الله}.
اجعلوا أنوار النبوة ومكارم شمائلها تفيض على الناس إحسانًا إلى الخلق، واستفاضة للبركة، وانتشارًا للهداية، وصلة للأرحام، وأمانًا يحل على الخلق، ومسرة تشيع بينهم، املأوا قلوبكم سلامًا للعالم ورحمة بالأكوان، اجعلوا شعاركم في هذه الأيام المباركة قول الله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك}، أفيضوا على الدنيا السلام والأمان والرحمة والرفق واللين، أجبروا خاطر الإنسان، وارفعوا عنه المعاناة، فرجوا كربًا، اطردوا جوعًا، صلوا رحمًا، أطفئوا حربًا، نوروا عقلًا، ابنوا وطنًا.
نور أطل على الحياة رحـيما * وبكفه فاض السلام عميما
لم تعرف الدنيا عظيما مثله * صلـوا عليه وسلموا تسليما
اللهم صل وسلم وبارك على رحمة الله للعالمين
وارزقنا يا ربنا محبته واتباعه ورؤيته ورؤياه واجعلنا معه في عليين.