أ
أ
تُعد الحمى القلاعية من أخطر الأمراض الفيروسية المعدية التي تصيب الماشية والحيوانات المجترة، مسببة خسائر اقتصادية فادحة وتهديداً مباشراً لسلامة الغذاء والأمن الغذائي.
هذا المرض الفيروسي، الذي تسببه فيروسات من عائلة Picornaviridae، ينتشر بسرعة بين الحيوانات ذات الحوافر المشقوقة مثل الأبقار والأغنام والماعز والخنازير.
أعراض المرض وانتقال العدوى
يتميز المرض بظهور بثور وتقرحات مؤلمة في الفم وعلى الحوافر، مما يعيق الحيوانات المصابة عن الأكل والمشي، ويؤدي إلى فقدان الشهية والوزن. تنتقل العدوى بسهولة عبر الاتصال المباشر بين الحيوانات المصابة والسليمة، أو من خلال الأدوات الملوثة، الأعلاف، والماء.تأثير الحمى القلاعية على الثروة الحيوانية وسلامة الغذاء
تُحدث الحمى القلاعية تداعيات خطيرة على عدة مستويات:
• خسائر اقتصادية فادحة: تؤدي الإصابة إلى انخفاض حاد في إنتاج الحليب واللحوم، وقد يصل الأمر إلى نفوق الحيوانات في بعض الحالات، خاصة إذا لم تُعالج أو تُسيطر على انتشار المرض.• تلوث المنتجات الحيوانية: تنتج الحيوانات المصابة منتجات ملوثة بالفيروس، مثل الحليب واللحوم. ورغم أن الطهي الجيد يعطل الفيروس، فإن المنتجات غير المعالجة قد تشكل خطراً صحياً على المستهلكين، خصوصاً في الدول ذات الرقابة الصحية الضعيفة.
• تدهور جودة المنتجات: الحليب الناتج من الحيوانات المريضة يحتوي على نسب أقل من البروتين والدهون، مما يقلل من قيمته الغذائية.
• زيادة الاعتماد على الاستيراد: يؤدي تفشي المرض إلى تراجع الإنتاج المحلي، مما يدفع الدول إلى استيراد اللحوم ومنتجات الألبان. إذا لم تخضع هذه المنتجات المستوردة للفحص الصارم، قد تكون غير آمنة وتعرّض المستهلكين للمخاطر.
• تعطيل التجارة الدولية: تُفرض قيود صارمة على استيراد وتصدير المنتجات الحيوانية من المناطق الموبوءة بسبب شدة عدوى المرض، مما يعطل التجارة ويؤثر سلباً على الاقتصادات المحلية.
• آثار اجتماعية واقتصادية: تشمل الخسائر تكلفة علاج الحيوانات، تطبيق الإجراءات الوقائية، وتراجع الصادرات، بالإضافة إلى فقدان الوظائف في قطاعات الإنتاج الحيواني، مما يؤثر على الأسر ويزيد من انعدام الأمن الغذائي في المجتمعات الريفية.

إدارة المرض والوقاية منه: مسؤولية مشتركة
للتصدي لتهديد الحمى القلاعية، يجب اتباع استراتيجية متكاملة تتطلب تعاوناً بين المربين والمستهلكين:دور المربين:
1- التطعيم الوقائي: يُعد التطعيم المنتظم للحيوانات ضد فيروس الحمى القلاعية هو الإجراء الوقائي الأهم، باستخدام اللقاحات المعتمدة ووفقاً لتوصيات الجهات البيطرية.2- الحجر الصحي: عزل الحيوانات الجديدة عن القطيع لفترة محددة قبل إدخالها، وفصل الحيوانات المصابة فوراً للحد من انتشار العدوى.
3- تعقيم المعدات والأدوات: التنظيف والتعقيم الدوري لجميع الأدوات المستخدمة في رعاية الحيوانات وأوعية الحليب والتغذية.
4- تحسين الرعاية والتغذية: توفير تغذية متوازنة ومكملات غذائية لتعزيز مناعة الحيوانات.
5- المراقبة الدورية: إجراء فحوصات منتظمة للحيوانات والكشف المبكر عن أي أعراض، والتواصل الفوري مع الطبيب البيطري.

دور المستهلكين:
1- الشراء من مصادر موثوقة: الحرص على شراء الألبان ومنتجاتها من مصادر معتمدة وخاضعة للرقابة الصحية الصارمة.2- اختيار المنتجات المعالجة حرارياً: يفضل اختيار الحليب المبستر أو المعالج حرارياً، حيث يساعد ذلك في قتل الفيروسات والبكتيريا.
3- غلي الحليب: حتى عند الشراء من مصادر موثوقة، يُنصح بغلي الحليب لمدة 5-7 دقائق على الأقل قبل الاستهلاك للقضاء على أي فيروسات أو بكتيريا محتملة.
4- التحقق من شهادات الجودة: التأكد من أن المنتجات تحمل علامات الجودة أو الشهادات الصادرة من الجهات الصحية المختصة.
5- التوعية والاستهلاك الواعي: الوعي بمخاطر تناول الألبان غير المعالجة وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الفحوصات الصحية للمنتجات.
ختاماً، تشكل الحمى القلاعية تحدياً كبيراً لصحة الثروة الحيوانية وسلامة الغذاء، خاصة فيما يتعلق بإنتاج الحليب. يتطلب الحد من تأثيراتها جهوداً متضافرة من المربين والمستهلكين لضمان صحة الحيوانات وتوافر منتجات ألبان آمنة وصحية للجميع.