أ
أ
في إطار استراتيجية الدولة لتوطين الصناعات الحيوية، تتجه وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي نحو تحقيق هدف رئيسي يتمثل في توطين صناعة الألبان، من خلال تطوير شامل لمراكز تجميع الألبان على مستوى الجمهورية, وتهدف الوزارة إلى زيادة الإنتاج المحلي من منتجات الألبان، وتحسين دخل المزارعين، وتوفير منتجات صحية وآمنة للعديد من الصناعات الغذائية.
صناعة الألبان: ركيزة أساسية للاقتصاد الزراعي المصري
تُعد صناعة الألبان قطاعًا محوريًا في الاقتصاد المصري، حيث تُمثل ما يقارب ثلث إجمالي الدخل الزراعي وتلعب دورًا بارزًا في تلبية الاحتياجات الغذائية للمواطنين, الدكتورة رشا عبدالعال، الباحثة بقسم بحوث تكنولوجيا تصنيع الألبان بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية، أكدت أن التوجه العالمي نحو توطين الصناعات جاء ردًا على اضطرابات سلاسل الإنتاج العالمية بعد جائحة كورونا، مما يبرز أهمية تعزيز الإنتاج المحلي في هذا القطاع.

تحديات الفجوة الإنتاجية: مصر تنتج 72% فقط من احتياجاتها
ينقسم إنتاج الألبان في مصر إلى قطاعين رئيسيين:
القطاع التقليدي: يُسهم بنحو 75% من الإنتاج الكلي.القطاع المتخصص: يُسهم بنحو 25% من الناتج المحلي.
وأوضحت الدكتورة عبدالعال أن الإنتاج المحلي الحالي لا يلبي سوى 72% من الطلب في مصر، مما يدفع مصنعي الألبان إلى الاعتماد على استيراد الحليب المجفف ومنتجات الألبان الأخرى لسد هذه الفجوة, كما أشارت إلى أن نصيب الفرد من استهلاك الألبان في مصر يبلغ حوالي 51 كيلوجرامًا سنويًا، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 100 كيلوجرام سنويًا، مما يعكس حجم التحدي والفرص المتاحة للنمو.

عوامل مؤثرة على كفاءة الإنتاج والتوزيع
تتأثر كفاءة قطاع إنتاج الحليب الخام في مصر بعدة عوامل رئيسية، منها: ممارسات إنتاج الحليب، الموسمية في الإنتاج والاستهلاك، كفاءة الهياكل التنظيمية للمزارعين، توافر الموارد المالية والوصول إليها، سلوكيات الوسطاء، البنية التحتية للإنتاج والنقل والتداول والتوزيع، وآليات تثبيت الأسعار ودور القطاعين الخاص والحكومي.
تتركز معظم مصانع الألبان البلدية في المناطق الريفية بمحافظات الدقهلية، الفيوم، دمياط، المنوفية، والغربية، بينما تتوزع البقية في الشرقية، القاهرة، الجيزة، وكفر الشيخ.
تحديات ومعوقات أمام توطين الصناعة
أبرز التحديات التي تواجه توطين صناعة الألبان في مصر تشمل:
انخفاض إنتاجية الحيوانات لدى المنتجين.قلة الكفاءة في تربية الحيوانات وفي التعامل مع الحليب المنتج.
اتباع ممارسات إنتاج غير فعّالة ومكلفة.
نقص الخدمات الموجهة للمزارعين الصغار والمتوسطين (مثل الإرشاد الزراعي، الخدمات المالية، والتلقيح الاصطناعي).
ارتفاع تكاليف المدخلات، خاصة الأعلاف، وانخفاض جودتها وأنظمة التغذية المتاحة.

7 خطوات استراتيجية للتغلب على التحديات وزيادة الإنتاج
للتغلب على هذه التحديات وتعزيز توطين صناعة الألبان، يقدم التقرير 7 خطوات استراتيجية:
- زيادة كفاءة الإنتاج وتنمية الثروة الحيوانية: من خلال استخدام سلالات محسنة وراثيًا وعالية الإنتاجية ذات تاريخ موثق لضمان ربحية اقتصادية.- توفير نظم التربية السليمة: بما يتلاءم مع السلالات الجديدة وتوفير الاحتياجات الغذائية للحيوان على أسس علمية تضمن كميات ومكونات التغذية السليمة.
- توفير الرعاية الصحية والبيطرية: للحيوانات، وتوفير اللقاحات اللازمة لتحصينها من الأمراض مثل الحمى القلاعية.
- توفير كوادر بيطرية مدربة: وإنشاء مراكز علمية بيطرية متخصصة للأبحاث والتدريب.
- زيادة إنتاج الأعلاف: وتشمل البرسيم الحجازي والذرة الصفراء، مع الالتزام بمعايير الجودة العالمية في زراعة هذه المحاصيل.
- تشجيع إنشاء مزارع الألبان المتخصصة: والاستفادة من قانون الإصلاح الزراعي في هذا الشأن.
- الاهتمام بجودة الحلب والنقل: تطوير طريقة الحلب وسرعة نقل الحليب من أماكن الحلب إلى مراكز التجميع في وسائل مخصصة، لضمان الحصول على ألبان عالية الجودة.
يُعد تطوير قطاع الألبان، وخاصة إنتاج الحليب الخام، أمرًا بالغ الأهمية للاقتصاد الريفي، وسبل عيش المزارعين ومنتجي الألبان على النطاق الصغير ومتناهي الصغر، ويمثل توطين هذه الصناعة خطوة حاسمة نحو تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.