قال الدكتور أحمد نبوي، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إنّ الغيرة على الدين ليست اندفاعًا ولا تهورًا، وإنما هي غيرة منضبطة تقوم على العلم والحساب ومعرفة حدود الموقف، موضحًا أن هذا هو الدرس الذي أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه للأمة في الموقف الذي وقع فيه الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه.
وأوضح الدكتور نبوي، خلال حوار مع الإعلامية سالي سالم ببرنامج "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أنّ بعض الناس تظن أن أي تصرف مبني على الحماسة يُعدّ غيرة على الدين، وهذا غير صحيح؛ فالغيرة الحقيقية "تحتاج إلى علم، وإدراك، وحسن تقدير للموقف، وأن تكون مبنية على معلومات صحيحة"، لا على الطيش أو التسرع أو الاعتداء على ما في قلوب الناس، لأن القلوب لا يعلم ما فيها إلا الله سبحانه وتعالى.
وأشار إلى أنّ التذرع بفكرة الغيرة على الدين لتبرير التصرفات الخاطئة لا يقرّه الدين ولا يحبه الله ولا رسوله، مؤكدًا أنّ الغيرة المحمودة هي تلك التي تدفع الإنسان لأن يتصرف تصرفًا يقرّه الشرع ويستند إلى ظاهر ثابت وواضح.
وبيّن أن من أهم الدروس التي نتعلمها من هذا الموقف النبوي أنّ على الإنسان أن يترك مساحة لـ التمس الأعذار، قائلًا: "التماس العذر أول بند نتعلمه، لأن الإنسان بطبيعته لن يرضى عن جميع تصرفات من حوله، ولذلك قالوا: التمس لأخيك المؤمن ولو سبعين عذرًا". وأضاف أن كثيرًا من الناس اليوم لا يلتمسون حتى عذرًا واحدًا.
وأضاف أن الخطأ الشائع عند البعض هو تفسير التصرف الصحيح على أنه خطأ، والتصرف الخطأ على أنه موقف صحيح، مع أن الأصل في التعامل أن يكون الحكم على ظاهر الفعل لا على الظنون أو ما يُتوهَّم في الباطن.
وأكد على أنه "إن لم نستطع حمل تصرفات الناس على محامل حسنة، فنتعامل وفق الظاهر، والله يتولى السرائر"، معتبرًا ذلك من أعظم القواعد التي تضبط الغيرة المحمودة في الدين وتمنع الانحراف بها نحو التعصب أو الاندفاع غير المقبول.



