كشف الدكتور إيهاب عيد، أستاذ الصحة العامة والطب السلوكي، عن طبيعة التوحد الحقيقية، مؤكداً أنه ليس مرضاً نفسيًا أو جينياً كما يُعتقد، وإنما هو اضطراب في التواصل يتميز بالغرق في الذات وفقدان القدرة على التواصل مع الآخرين بشكل طبيعي.
وشرح أستاذ الصحة العامة والطب السلوكي، خلال لقاء مع الإعلامية مروة شتلة ببرنامج "البيت"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن الطفل الذي يعاني من التوحد يمتلك سمات متعددة تبدأ بفقدان الاهتمام بالآخرين والتركيز فقط على الذات والميول الشخصية دون مراعاة من حوله، ما يؤدي إلى انفصاله عن العالم الخارجي، مشيراً إلى أن عدد السمات التوحدية يمكن أن تتراوح بين 10 إلى 30 حسب شدة الحالة.
كما أشار إلى أن هذا الاضطراب لا يعني بالضرورة نقص الذكاء، حيث يمكن أن تكون القدرات العقلية عالية ولكن التواصل الاجتماعي ضعيف أو معدوم، وهو ما يطرح تحديات في تقييم ذكاء الأطفال الذين يعانون من التوحد باستخدام الاختبارات التقليدية التي تعتمد على مهارات التواصل.
وأوضح أن التوحد هو شكل من أشكال “الذاتوية”، حيث يغرق الشخص في ذاته دون اهتمام بالبيئة المحيطة، وهو ما يختلف عن “الجنون الاجتماعي” الذي يعني فقدان الهوية الذاتية والانصياع التام للمجتمع بدون وعي.
وأشار إلى أهمية فهم “طيف التوحد” الذي يشمل درجات متفاوتة من التواصل والذاتوية، حيث يمكن أن يكون لدى بعض الأفراد تواصل عالي جداً، في حين يعاني آخرون من انعدام التواصل تمامًا.
كما تطرق إلى الجانب الحسي لدى مرضى التوحد، موضحًا أن لديهم اضطرابات حسية تؤثر على استقبالهم للمعلومات من البيئة، مثل حساسية مفرطة للأصوات أو الروائح أو الإحساس بالحركة والهواء، مما يزيد من صعوبة التعامل مع المحيط.
وأكد أن الفهم العلمي والتقييم الدقيق لهذه الحالات يجب أن يكون مبنياً على أسس طبية وعلمية بعيدة عن الخرافات، مشيراً إلى أن بعض الظواهر التي قد تُفسر روحانيًا هي في الأصل اختلافات في حساسية الحواس واستجابة الدماغ للمؤثرات الخارجية.