أ
أ
أكد الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن مفهوم السيكوباتية يُساء فهمه في المجتمع، مشيرًا إلى أن الشخص السيكوباتي الإكلينيكي الكامل لا تتجاوز نسبته 1% من الناس.
وأوضح أن هذه النسبة قليلة وصعبة التحقق، بينما تظهر سمات سيكوباتية جزئية مثل المراوغة والمناورة لدى عدد أكبر من الأشخاص، وهذه السمات لا تعني بالضرورة أنهم سيكوباتيون كاملون كما يُصورهم في الكتب العلمية.
أهمية الوعي بالسمات السيكوباتية في العلاقات الشخصية
وأوضح المهدي خلال مشاركته في برنامج "راحة نفسية" المذاع على قناة "الناس"، أن السمات السيكوباتية الجزئية تفسر انتشار بعض السلوكيات المراوغة أو الخادعة في المجتمع.وأكد على ضرورة الوعي بهذه السمات، خصوصًا في العلاقات الحساسة مثل الزواج والخِطبة، وذلك لتجنب الوقوع في فخ شخصيات قد تضر نفسيًا أو اجتماعيًا. كما شدد على أن التشخيص الدقيق لحالة السيكوباتية يجب أن يتم من خلال متخصصين.
التعامل الإنساني مع الشخص السيكوباتي: الأسلوب الأمثل
وأشار الدكتور محمد المهدي إلى أن التعامل مع الشخص السيكوباتي لا يجب أن يكون بالعزل أو العقاب القاسي.وأكد أن هذه الرؤية قديمة وغير مقبولة علميًا وإنسانيًا، لافتًا إلى أن الدراسات الحديثة أثبتت أن اضطرابات الشخصية، بما في ذلك السيكوباتية، يمكن تحسينها من خلال المعاملة الإنسانية والدعم الصحيح.
وأضاف أن التحولات الإيجابية قد تبدأ من موقف إنساني صادق، مثل تفاعل الشخص السيكوباتي مع أخصائي اجتماعي أو شخص حكيم يمكنه أن يساعده على إعادة بناء حياته.
العلاج المتخصص والدعم النفسي: خطوات نحو الشفاء
أوضح المهدي أن الدعم الإنساني قد يُدعَّم بعلاج نفسي متخصص، حيث ثبت أن بعض الأدوية مثل مضادات الذهان ومثبتات المزاج يمكن أن تقلل من السلوكيات الاندفاعية والعدوانية.وأضاف أن بعض مضادات الاكتئاب قد تساعد في تهدئة التقلبات المزاجية، خاصة وأن العديد من الشخصيات السيكوباتية تعاني من توتر داخلي مستمر وحاجة إلى تحسين مزاجهم.
كما أكد على أهمية علاج الإدمان إذا كان موجودًا، باعتباره عنصرًا أساسيًا في تقليل السمات السيكوباتية.
الطفولة الصعبة وتأثيرها على تكوّن السمات السيكوباتية
شدد الدكتور المهدي على أن الشخص السيكوباتي غالبًا ما يكون قد مر بتجارب طفولية قاسية، إذ نشأ في بيئات عنيفة أو فوضوية، مما يسهم في تشكيل هذه السمات الشخصية.وأشار إلى أن الشخص السيكوباتي غالبًا ما يكون جانيًا ومجنيًا عليه في الوقت نفسه، داعيًا إلى عدم الاكتفاء بالحلول العقابية أو نبذ الشخص اجتماعيًا.
الجمع بين الحزم والرحمة في علاج الشخصيات السيكوباتية
اختتم المهدي حديثه بالتأكيد على ضرورة الجمع بين الحزم والرحمة في التعامل مع الشخص السيكوباتي. واستشهد بموقف من السيرة النبوية حين نُهي عن لعن شخص كان يُؤتى به شاربًا للخمر، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنوه، فإنه يحب الله ورسوله».
وأوضح أن التركيز على الجوانب المضيئة في الإنسان قد يكون مدخلًا حقيقيًا للإصلاح، حتى مع أكثر الشخصيات صعوبة وتعقيدًا.



