سلط  الدكتور أحمد شعراوي، خبير في جودة وإدارة سلاسل الإمداد، الضوء على رؤية شاملة لتحويل مصر من كونها دولة زراعية فقط إلى مشروع استثماري غذائي متكامل، مؤكدا  أن مصر تمتلك قاعدة زراعية تاريخية، لكن التحدي اليوم يكمن في تحويل هذه القاعدة إلى منظومة استثمارية متطورة قادرة على تحقيق الأمن الغذائي وتنمية الاقتصاد.

صياغة مفهوم الإنتاج الزراعي

ويعتقد شعراوي أن الخطوة الحقيقية للتحول تكمن في إعادة صياغة مفهوم الإنتاج الزراعي، بحيث تُدار موارده كأصول استراتيجية مُدرجة في سوق المال، ويتضمن ذلك تطبيق الحوكمة والاستفادة من الأدوات المالية الحديثة لتطوير القطاعات المرتبطة بالزراعة مثل إنتاج القمح وصناعة الأسمدة، التي لا ينبغي أن تظل مقتصرة على الدعم والتكلفة فقط، بل يمكن أن تتحول إلى محركات اقتصادية فاعلة.

ويوضح شعراوي في تصريح خاص لـ " اجري نيوز"  أن تفعيل البورصة الزراعية هو المفتاح لتحقيق هذا التحول، فهي ليست مجرد أداة، بل نظام يُمكّن من وضع أسعار مستقرة للسلع الزراعية، مثل القمح والأسمدة، من خلال إدارة منظمة ومعلومات شفافة، وبهذا، يمكن لصانع القرار التنبؤ بتغيرات السوق عالمياً، مما يتيح اتخاذ إجراءات استباقية مدروسة بدلاً من ردود الفعل المتأخرة.

صناعة الأسمدة والشركات الزراعية

وبالنظر إلى صناعة الأسمدة والشركات الزراعية، يرى الخبير أن إدراج هذه الشركات في سوق المال يعزز الشفافية ويخلق نظام حوكمة محكم ينظم عملية الإنتاج والتوزيع، ويضمن كفاءة أكبر، ويؤكد شعراوي أن القطاع الزراعي بحاجة إلى الانخراط بجدية في أساليب الإدارة الحديثة عبر البورصة الزراعية، مما يفتح المجال أمام تقليل تكاليف الإنتاج، الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، وتحقيق الاستدامة.

وأشار كذلك إلى أهمية نقل العلاقة الحالية بين الفلاح، المستثمر، والدولة من أنماط التعامل التقليدية إلى منظومة تتسم بالتعاون المؤسسي، مؤكدا أن التعاونيات الزراعية واتحادات المنتجين يمكنها تمثيل مصالح المزارعين بشكل أفضل وتعزيز وجودهم في السوق، من ناحية أخرى، فإن المستثمرين سيجدون بيئة أكثر أماناً للاستثمار في قطاع محفوف بالمخاطر إذا ما توفرت البيانات الدقيقة وخطط العمل الواضحة.

وفي ختام رؤيته، أشار شعراوي إلى أن التحولات المطلوبة تتطلب التخطيط التدريجي والمواكبة بين الإجراءات القانونية والتنظيمية لتشجيع الجميع - من صغار الفلاحين إلى كبار المستثمرين - على المشاركة بنشاط في المنظومة الجديدة.

وشدد على أن نجاح البورصة الزراعية في مصر يعتمد على قدرتها على تعزيز العدالة بين الأطراف المختلفة وحماية مصالحهم بما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني بشكل عام.