تعتبر زراعة الموز في مصر من الركائز الاقتصادية الهامة، وهي تتطلب عناية خاصة ليست بالصعبة، شرط الإلمام بالمعرفة والمرجعية العلمية الموثوقة، وعلى رأسها مركز البحوث الزراعية ومعهد بحوث البساتين.
وفي سياق تعظيم الإنتاجية وترشيد التكاليف، يؤكد الخبراء على الأهمية القصوى لكل مرحلة من مراحل نمو هذا المحصول الحيوي، بدءًا من غرس الشتلات وصولًا إلى موسم الحصاد، وتبرز مرحلتا النمو الخضري والتزهير كمحطتين أساسيتين في دورة حياة النبات، حيث ينعكس أي قصور في تطبيق معاملاتهما بشكل مباشر على حجم الإنتاج وجودته النهائية.
هذا الملف الهام قام بتحليله وتوضيحه الدكتور عبد الحميد الشاهد، أخصائي الفاكهة الاستوائية بمعهد بحوث البساتين، وذلك خلال استضافته ببرنامج «المرشد الزراعي» مع الإعلامي طه اليوسف على شاشة قناة «مصر المستقبل».
تحذيرات من الإفراط في ري مزارع الموز
جدد الدكتور عبد الحميد الشاهد تأكيده على خطورة الإفراط في كميات مياه الري المستخدمة في زراعة الموز، نافيًا الاعتقاد الشائع بأن هذا المحصول يستهلك كميات كبيرة من المياه، وموضحًا أن أي زيادة عن الحد اللازم تؤثر سلبًا على الإنتاج.وأوضح أن زيادة المياه قد تتسبب في تكون تجمعات مائية صغيرة على سطح التربة، والتي إذا تعرضت لأشعة الشمس، تصبح بيئة خصبة لنمو الطحالب. وينتج عن ذلك مشكلات في تهوية التربة، ويزيد من فرص انتشار أمراض الأعفان التي تدمر الجذور وتعيق العمليات الزراعية.
وشدد على أن نبات الموز يتميز بحساسيته الشديدة لمستويات التهوية والرطوبة في التربة، مؤكدًا أن كمية الري المطلوبة تختلف تبعًا لنوع التربة، حيث تكون الأراضي الثقيلة أكثر عرضة للتضرر من زيادة المياه.
وحذر من أن الإفراط في الري قد يؤدي إلى جفاف الشتلات في المراحل الأولى للزراعة، تمامًا كما يفعل نقص المياه، موصيًا بالالتزام بمعدلات الري الطبيعية التي تلبي احتياجات النبات دون تجاوز أو إهمال.

مفهوم التزهير وتكوين العنقود الثمري (السوباطة)
انتقل الدكتور عبد الحميد الشاهد إلى شرح مفهوم التزهير في نبات الموز، مبينًا أنه يتمثل في ظهور الشمراخ الزهري الذي يتطور لاحقًا ليصبح السوباطة التي تحمل الثمار. وأشار إلى أن هذا الشمراخ يبدأ في التكوين داخل الساق الحقيقية (الكورمة) الموجودة تحت سطح الأرض، ويستغرق فترة زمنية ليست بالقصيرة (تقارب 50 يومًا) حتى يصعد ويظهر فوق سطح التربة.

أسباب ظاهرة تقصف الشماريخ الزهرية
أوضح الدكتور عبد الحميد الشاهد أسباب حدوث ظاهرة تقصف أو انقطام الشماريخ الزهرية في الموز، مؤكدًا أنها لا تعتبر تساقطًا بالمعنى المفهوم في بعض أنواع الفاكهة الأخرى، وعزا ذلك إلى عدم إدراك المزارعين للمعاملات الزراعية المناسبة لكل مرحلة من مراحل نمو النبات.وأكد أن الإفراط في إضافة الأسمدة النيتروجينية (الأزوتية) خلال مرحلة التزهير يدفع النبات نحو النمو الخضري المكثف، مما يؤدي إلى أن تصبح أنسجته غضة ونسبة المواد الصلبة فيها منخفضة.
نتيجة لذلك، يصبح الساق الكاذبة (البالس) ضعيفًا وغير قادر على تحمل الوزن الثقيل للشمراخ الزهري، مما يتسبب في تقصفه وسقوطه على الأرض.