الأربعاء، 09 ربيع الثاني 1447 ، 01 أكتوبر 2025

د. إيمان شحاته غنيم تكتب .. التداخلات الغذائية الدوائية: فهم للتأثيرات المتبادلة بين الغذاء والأدوية

مقال ايمان
د. إيمان شحاته غنيم تكتب .. التداخلات الغذائية الدوائية: فهم للتأثيرات المتبادلة بين الغذاء والأدوية
أ أ
techno seeds
techno seeds
تعتبر التداخلات الغذائية الدوائية من المجالات الحيوية في علم الصيدلة والتغذية، حيث تلعب دورًا أساسيًا في فعالية الأدوية وسلامة المرضى. يمكن أن تؤدي هذه التداخلات إلى تغييرات في امتصاص الأدوية، مما يؤثر على نتائج العلاج. يهدف هذا المقال إلى تقديم لمحة شاملة حول كيفية تأثير الغذاء على الأدوية، والتداخلات المحتملة، والنصائح اللازمة لتفاديها.
ما هي التداخلات الغذائية الدوائية؟
تحدث التداخلات الغذائية الدوائية عندما يؤثر الطعام أو الشراب الذي نتناوله على مكونات الأدوية التي تُمتص في الجسم  وعلى الطريقة التي يعمل بها الدواء في الجسم. حيث يمكن أن تؤدي هذه التأثيرات إلى زيادة أو تقليل فعالية الدواء، مما يستدعي الانتباه إلى توقيت تناولها. 


 وتشمل هذه التداخلات:
1. تغيير في امتصاص الدواء: يمكن أن تؤدي بعض الأطعمة إلى زيادة أو تقليل امتصاص الدواء في الجهاز الهضمي.
2. تعديل في استقلاب الدواء: يمكن أن تؤثر بعض الأطعمة على إنزيمات الكبد التي تلعب دورًا في استقلاب الأدوية.
3. تفاعل مباشر: بعض المكونات الغذائية يمكن أن تتفاعل كيميائيًا مع الأدوية، مما يؤدي إلى تأثيرات غير متوقعه
وهذه التداخلات قد تؤدي الى تأثيرات سلبية او إيجابية في بعض الاحيان
التأثيرات السلبية
بعض الأدوية يجب أن تُؤخذ على معدة فارغة، حيث يمكن أن تؤدي الأطعمة إلى تقليل امتصاص الدواء فعلى سبيل المثال
1-الأدوية التي تحتوي على الحديد:
يجب تناول الأدوية المحتوية على الحديد على معدة فارغة، حيث يمكن أن تؤدي الأطعمة الغنية بالألياف أو الكافيين (مثل القهوة والشاي) إلى تقليل امتصاص الحديد. الدراسات تشير إلى أن تناول كوب من الشاي بعد تناول مكمل الحديد يمكن أن يقلل من امتصاصه بنسبة تصل إلى 50%.
2 الأدوية المضادة للتخثر او التجلط: 
الأدوية مثل الوارفرين تحتاج إلى توازن دقيق مع فيتامين K الموجود في الخضروات الورقية. تناول كميات كبيرة من هذه الخضروات يمكن أن يقلل من فعالية الوارفرين، مما يزيد من خطر حدوث جلطات دموية
التأثيرات الإيجابية
من ناحية أخرى، هناك أطعمة يمكن أن تعزز امتصاص الأدوية مثل:
1- فيتامين C
تناول مصادر فيتامين C (مثل الحمضيات) مع الأطعمة الغنية بالحديد يمكن أن يعزز امتصاص الحديد. تشير الأبحاث إلى أن تناول عصير البرتقال مع وجبة غنية بالحديد يمكن أن يزيد من امتصاص الحديد بنسبة تصل إلى 25%.
وبالتالي تناول عصير الليمون مع اللحم و الكبدة و السبانخ يزيد من امتصاص مادة الحديد الموجودةة بهذة الأطعمة كذلك يمكن تناول حبوب و شراب الحديد مع عصاير المانجو و الليمون او البرتقال بدلا من تناوله مع  الماء .
2- الكميات المناسبة من الدهون
تناول الأدوية مع الأطعمة الغنية بالدهون يمكن أن يزيد من امتصاص الأدوية القابلة للذوبان في الدهون، مثل بعض الأدوية المضادة للاكتئاب.


بعض الأطعمة التي يجب الحذر منها:
1-الشاي والقهوة: يعتبر الكافيين، الموجود في كل من الشاي والقهوة، مادة منشطة تؤثر على الجهاز العصبي وتناول كميات كبيرة من الكافيين قد يتسبب في أعراض مثل الأرق، العصبية، واضطرابات القلب.
وتظهر الأبحاث أن استهلاك الكافيين مع بعض الأدوية، مثل المضادات الحيوية من مجموعة الكينولون، أو الأدوية المستخدمة لعلاج قرحة المعدة، يمكن أن يعزز من التأثير المنبه للكافيين. هذا الأمر قد يؤدي إلى تفاقم الأرق وزيادة مستويات القلق لدى المرضى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تناول الكافيين مع الأدوية المهدئة، مثل الفاليوم، قد يقلل من فاعليتها. نظرًا لأن الكافيين يعمل كمنبه، فإنه يتعارض مع تأثير الأدوية المهدئة، مما يستدعي ضرورة الانتباه عند تناول الكافيين بالتوازي مع هذه الأدوية. 
كما يؤثر الكافيين على الأدوية التي تحتوي على الحديد سلبًا على امتصاصة  في الجهاز الهضمي، مما قد يؤثر على نتائج العلاج.
لذا، يُنصح المرضى، خصوصًا أولئك الذين يعانون من فقر الدم أو الذين يتناولون مكملات الحديد، بتجنب شرب الشاي والقهوة بعد تناول الأدوية أو الوجبات الغنية بالحديد. يُفضل الانتظار لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات قبل تناول الشاي أو القهوة لضمان تحسين امتصاص الحديد وتحقيق أفضل النتائج العلاجية.
2- الجريب فروت:  يعتبر الجريب فروت وعصيره من الأطعمة التي تتفاعل مع أكثر من 80 دواء. يمكن أن يؤدي تناول الجريب فروت إلى زيادة مستويات الأدوية في الدم بشكل خطير، مما قد يتسبب في آثار جانبية.
3-العرقسوس: يُشير الإفراط في تناول العرقسوس، خاصة عند استهلاك أربع اكواب أو أكثر، إلى احتمال حدوث آثار جانبية نتيجة احتوائه على مادة Carbenoxolone  حيث  تعمل هذه المادة على زيادة انقباض عضلة القلب ورفع ضغط الدم.قد تشمل الآثار الجانبية الأخرى: الدوخة، التعرق، ارتفاع ضغط الدم، ونقص مستويات البوتاسيوم في الجسم. لذلك، يُنصح بعدم الاستمرار في تناول العرقسوس دون استشارة الطبيب، خاصةً للأشخاص الذين يعانون من مشكلات في ضغط الدم.
يجب أيضًا تجنب استخدامه مع  الأدوية المدرة للبول بشكل مفرط، وعدم تناول العرقسوس مع  أدوية الكورتيزون أو الديجوكسين وادوية مرضى القلب.
4- الثوم والزنجبيل :يؤي الافراط في  تناولهما الى زيادة سيولة الدم .وبالتالي تناولهما مع الأسبرين او الوارفارين قد يؤدي الى زيادة فرصة حدوث نزيف.
5- الأعشاب المستخدمة لإنقاص الوزن: تُستخدم الأعشاب كوسيلة شائعة لإنقاص الوزن، خاصة بين الأشخاص الذين يعانون من السمنة. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه الأعشاب قد لا تكون فعالة كما يُعتقد، وقد تؤثر سلبًا على الصحة العامة. تعمل هذه الأعشاب على تغيير نمط الغذاء الذي يتبعه الشخص، مما يؤدي إلى نقص في العديد من العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات، البوتاسيوم، الحديد، الزنك، ومجموعة من الفيتامينات والمعادن الضرورية. بالإضافة إلى ذلك، قد تسبب هذه الأعشاب آثارًا جانبية مزعجة مثل القيء، الغثيان، اضطرابات الجهاز الهضمي، وتقلبات في ضغط الدم، مما يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوزن بطريقة غير صحية. وينخفض الوزن نتيجة نقص السعرات الحرارية، لكن هذا يحدث ايضا بسبب نقص المغذيات الضرورية في الجسم، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية مثل الأنيميا. 
6- الأطعمة الغنية بالفيتامين:K الخضروات الورقية مثل السبانخ والملفوف تحتوي على كميات كبيرة من فيتامين K، الذي يمكن أن يؤثر على فعالية الأدوية المضادة للتخثراو التجلط. لذا، يجب تناولها بكميات ثابتة لتجنب أي تداخلات غير مرغوب فيها.


نصائح لتجنب التداخلات الغذائية الدوائية
• قراءة النشرات الداخلية: يجب دائمًا قراءة المعلومات الموجودة على عبوات الأدوية بعناية.
• استشارة الطبيب: إذا كان هناك استشارة حول تناول دواء معين مع الطعام، يُفضل استشارة الطبيب أو الصيدلي.
• توقيت تناول الأدوية: الالتزام بتعليمات تناول الأدوية، سواء كان ذلك مع الطعام أو على معدة فارغة.
• تجنب الكحول: يجب تجنب تناول المشروبات الكحولية أثناء تناول الأدوية، حيث يمكن أن تؤثر سلبًا على فعاليتها.
تعتبر التداخلات الغذائية الدوائية موضوعًا معقدًا ولكنه حيوي. من خلال فهم كيفية تأثير الغذاء على الأدوية، يمكن للمرضى تحسين فعالية العلاجات وتقليل مخاطر الآثار الجانبية. يتطلب الأمر وعيًا دقيقًا وتعاونًا مع مقدمي الرعاية الصحية لضمان تناول الأدوية بشكل آمن وفعّال.
د. إيمان شحاته غنيم 
باحث بقسم بحوث الأغذية الخاصة والتغذية
معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة