أ
أ
تُعدّ تكنولوجيا المعالجة غير الحرارية (Non-Thermal Processing) ثورة في صناعة الأغذية، حيث توفر بدائل مبتكرة للمعالجة الحرارية التقليدية.
تهدف هذه التقنيات إلى حفظ الأغذية وتعقيمها مع الحفاظ على جودتها وقيمتها الغذائية ونكهتها الطبيعية بشكل أفضل، مع ضمان سلامتها من الميكروبات الضارة.
مفهوم وأهمية المعالجة غير الحرارية
تستخدم المعالجة غير الحرارية تقنيات لا تعتمد بشكل أساسي على الحرارة العالية لتعطيل الكائنات الحية الدقيقة والإنزيمات. تهدف إلى تحقيق الاستقرار الميكروبيولوجي وإطالة العمر الافتراضي للمنتجات مع الحفاظ على خصائصها الحسية والغذائية.
تزداد أهمية هذه التقنيات لعدة أسباب:
• الحفاظ على الجودة: تحافظ على الفيتامينات والمركبات النشطة بيولوجيًا التي تتأثر بالحرارة.• تلبية طلب المستهلكين: هناك طلب متزايد على الأغذية الطازجة والمعالجة بأقل قدر ممكن.
• تطوير منتجات مبتكرة: تفتح آفاقًا لمنتجات غذائية جديدة ذات خصائص فريدة.
• الاستدامة: بعض هذه التقنيات تستهلك طاقة أقل.
أبرز طرق المعالجة غير الحرارية
تتضمن هذه التكنولوجيا مجموعة متنوعة من الأساليب:
• المعالجة بالضغط العالي (HPP): تطبيق ضغط هيدروستاتيكي مرتفع لتعطيل الميكروبات والإنزيمات، وتستخدم في العصائر، اللحوم، ومنتجات الألبان.• الإشعاع الغذائي: تعريض الأغذية لجرعات آمنة من الإشعاع لقتل الحشرات والميكروبات وتقليل التلف، شائع في التوابل والفواكه.
• المجالات الكهربائية النبضية (PEF): تعريض الأغذية لمجالات كهربائية قوية لفترة قصيرة لتمزيق أغشية الخلايا الميكروبية، تستخدم في بسترة العصائر والحليب.
• الموجات فوق الصوتية: تطبيق موجات صوتية عالية التردد لتعطيل الكائنات الحية الدقيقة وتحسين عمليات الاستخلاص.
• الضوء النبضي (PL): تعريض أسطح الأغذية لنبضات ضوء مكثفة لتعطيل الميكروبات.
• الأشعة فوق البنفسجية (UV): تعقيم أسطح الأغذية السائلة لتقليل الميكروبات.
• التعبئة والتغليف المعدل للجو (MAP): تغيير تركيبة الغاز داخل العبوة لإبطاء نمو الميكروبات وإطالة عمر المنتج.
الفوائد والتحديات
تقدم المعالجة غير الحرارية فوائد عديدة:
• حفظ أفضل للعناصر الغذائية: تقليل فقدان الفيتامينات والمركبات الحساسة للحرارة.• جودة حسية أعلى: الحفاظ على النكهة، اللون، والملمس الطبيعي للأغذية.
• عمر افتراضي أطول: استقرار ميكروبيولوجي فعال.
• تقليل استخدام المواد الحافظة: قد تقل الحاجة للمواد الكيميائية.
• تطوير منتجات جديدة: معالجة أغذية حساسة للحرارة.

على الرغم من ذلك، تواجه هذه التقنيات تحديات:
• التكلفة الأولية العالية للمعدات.• صعوبة التوسع الصناعي لبعض التقنيات.
• فعالية المعالجة قد لا تكون شاملة لجميع الميكروبات.
• قبول المستهلك لبعض التقنيات (مثل الإشعاع).
• الحاجة إلى تطوير التنظيم والتشريعات.

مستقبل واعد
يبدو مستقبل تكنولوجيا المعالجة غير الحرارية مشرقًا، مع توقعات بـتطوير تقنيات أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة، وتوسيع نطاق تطبيقاتها لمجموعة أوسع من المنتجات. كما يُتوقع زيادة الوعي والقبول من قبل المستهلكين، وتطور الأطر التنظيمية الداعمة، ودمجها مع تقنيات أخرى لتحقيق أفضل النتائج.
تمثل هذه التقنيات نقلة نوعية نحو تلبية طلب المستهلكين على الأغذية الصحية، المستدامة، والمبتكرة في المستقبل.
د. دعاء محمود بدوى
قسم تكنولوجيا الحاصلات البستانية
معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية