أ
أ
الديوكسينات هى مجموعة من المركبات الكيميائية السامة والمستمرة في البيئة، والتي تثير قلقًا بالغًا على صحة الإنسان والبيئة، لا يتم إنتاج هذه المركبات عمدًا، بل تنشأ كمنتجات ثانوية غير مرغوب فيها في العديد من العمليات الصناعية والاحتراقية.
نظرًا لاستقرارها الكيميائي العالي وقدرتها على التراكم البيولوجي في السلسلة الغذائية، يتعرض الإنسان لهذه السموم البيئية بشكل مزمن ومنخفض المستوى، مما يؤدي إلى مجموعة واسعة من الآثار الصحية الضارة التي قد تتراكم بمرور الوقت.
ما هي الديوكسينات؟
يشير مصطلح "الديوكسينات" إلى عائلة واسعة من المركبات الكيميائية ذات الصلة هيكليًا وكيميائيًا، والتي تشمل نوعين رئيسيين:1. ثنائي بنزو-بارا-ديوكسينات متعدد الكلور (PCDDs): تتكون هذه المجموعة من 75 مركبًا مختلفًا، تختلف في عدد وموقع ذرات الكلور.
2. ثنائي بنزوفورانات متعدد الكلور (PCDFs): تشمل هذه المجموعة 135 مركبًا مختلفًا، تختلف أيضًا في عدد وموقع ذرات الكلور.
بالإضافة إلى هاتين المجموعتين الرئيسيتين، غالبًا ما يتم تضمين ثنائي بنزونات متعدد الكلور الشبيهة بالديوكسين (dl-PCBs) في تقييم المخاطر الصحية نظرًا لآلية عملها السامة المشابهة.

لماذا تعتبر هذه السموم خطيرة ومستمرة؟
تتميز الديوكسينات بخصائص كيميائية وفيزيائية تجعلها مثيرة للقلق البيئي والصحي:• استقرار كيميائي عالٍ: تقاوم التحلل في البيئة لفترات طويلة جدًا، مما يؤدي إلى استمرارها وتراكمها في البيئة.
• قابلية منخفضة للذوبان في الماء: تجعلها غير قابلة للذوبان في الماء بشكل كبير، ولكنها قابلة للذوبان في الدهون، مما يسهل التراكم الحيوي في الأنسجة الدهنية.
• تطايرية منخفضة: لا تتبخر بسهولة، مما يزيد من بقائها في التربة والرواسب.
كيف تنتشر هذه السموم في البيئة؟
لا يتم إنتاج الديوكسينات عمدًا، ولكنها تنشأ كمنتجات ثانوية في مجموعة متنوعة من العمليات، بما في ذلك:• حرق النفايات: يعتبر حرق النفايات الصلبة والخطرة مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات الديوكسينات، خاصة في المحارق ذات التحكم غير الكافي.
• العمليات الصناعية: بعض العمليات التي تتضمن الكلور، مثل إنتاج المبيدات والأصباغ وتبييض الورق وصناعة المعادن.
• احتراق الوقود الأحفوري والكتلة الحيوية: يمكن أن ينتج احتراق الفحم والنفط والخشب كميات صغيرة من الديوكسينات.
• حرائق الغابات والانفجارات البركانية: تعتبر مصادر طبيعية ولكن بكميات أقل.
كيف تؤثر الديوكسينات على صحة الإنسان؟
تُمارس الديوكسينات آثارها السامة من خلال الارتباط بمستقبل الأريل الهيدروكربوني (AhR) داخل الخلايا. يؤدي هذا الارتباط إلى تنشيط المستقبل وتعديل التعبير الجيني، مما يؤثر على العديد من العمليات البيولوجية.
الآثار الصحية للتعرض للديوكسينات
يرتبط التعرض للديوكسينات بمجموعة واسعة من الآثار الصحية الضارة، بما في ذلك:
• اضطرابات النمو والتطور: يعتبر الأطفال والأجنة الأكثر حساسية، وقد يؤدي التعرض إلى انخفاض الوزن عند الولادة وتأخر النمو العصبي وضعف وظائف الغدد الصماء.• اضطرابات الجهاز المناعي: تثبيط وظيفة الجهاز المناعي وزيادة خطر الإصابة بالعدوى.
• اضطرابات الغدد الصماء: التداخل مع وظيفة الهرمونات المختلفة.
• تأثيرات جلدية: ظهور حالة "عد الكلور" المؤلمة والمشوهة.
• السرطان: صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) مركب TCDD على أنه مادة مسرطنة مؤكدة للإنسان.
• تأثيرات على الكبد: تلف الكبد وتغيرات في وظائفه.
• اضطرابات عصبية وسلوكية: ارتباط محتمل بتغيرات في الوظائف العصبية والسلوكية.
جهود دولية للحد من انبعاثات الديوكسينات وحماية الصحة
بذلت جهود دولية كبيرة للحد من انبعاثات الديوكسينات وحماية صحة الإنسان، بما في ذلك:• اتفاقية ستوكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة (POPs): معاهدة دولية ملزمة للحد من هذه الملوثات.
• لوائح وتشريعات وطنية: قوانين للتحكم في الانبعاثات ومراقبة مستويات الديوكسينات في البيئة والغذاء.
• تطوير تقنيات أنظف: العمل على تقنيات صناعية واحتراقية تقلل من تكوين وإطلاق الديوكسينات.
الخلاصة:
تظل الديوكسينات تحديًا بيئيًا وصحيًا مستمرًا نظرًا لاستقرارها وتراكمها في السلسلة الغذائية وآثارها السامة المتعددة. يتطلب الأمر تعاونًا عالميًا مستمرًا وتطبيقًا فعالًا للوائح وتطوير تقنيات أنظف لضمان مستقبل أكثر أمانًا وصحة من هذه السموم البيئية الخفية.د. دعاء محمود بدوى
قسم تكنولوجيا الحاصلات البستانية
معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية