ينتمي الكرفس(Apium graveolens L.)  وهو أحد الخضروات الورقية التي لها رائحة شديدة إلى العائلة الخيمية (Apiaceae) وهي نفس عائلة البقدونس والشمر ، لكنه يزرع في الظل وبالتالي فهو أقل في الكلوروفيل لذلك هو أقل أفراد العائلة اخضراراً.

يتميز بقوامه المقرمش ونكهته المميزة ومحتواه المائي العالي. الكرفس نبات متعدد الاستخدامات معروف بفوائده الصحية العديدة ويمكن تناوله طازجًا في السلطات أو مطبوخًا في الشوربات، كما يمكن شرب العصير المصنوع منه. 

القيمة الغذائية للكرفس:

الكرفس من الخضروات التي تعتبر نبات قلوي إذ يحتوي على حوالي 95% من الماء، كما يحتوي على نسبة عالية من الألياف الغذائية والفيتامينات والمعادن مما يجعل له الكثير من الفوائد الصحية.

فيحتوي الكوب الواحد من الكرفس المقطّع (حوالي 100 جرام) على ما يلي: السعرات الحرارية: 14.1 سعر حراري، الماء: 96.4 جرام، كربوهيدرات: 3 جرام، ألياف غذائية: 1.62 جرام، سكريات: 1 جرام، بروتين: 0.7 جرام، دهون: 0.172 جرام، بوتاسيوم: 263 ميليجرام، صوديوم: 80.8 ميليجرام، كالسيوم: 40.4 ميليجرام، مغنيسيوم: 11.1 ميليجرام، كما يحتوى الكوب الواحد من الكرفس على فيتامين ج: 3.13 ميليجرام، فيتامين أ: 453 وحدة دولية، فيتامين ك: 29.6 ميكروجرام.

فوائد الكرفس الصحية:
الوقاية من السرطان:

تساعد خصائص الكرفس المضادة للأكسدة (Antioxidants)، والتى ترجع إلى وجود مركبات مثل حمض الكافيين (Caffeic acid) وحمض الباراكوماريك (Para-coumaric acid) وحمض الفيروليك (Ferulic acid)، والفثالين (Phthalein) والفلافونويد (Flavonoids) وفيتامين ج (Vitamin C)، بالإضافة إلى مركبين مميزين هما (Lunularin) و (Bergapten)، حيث تساعد مضادات الأكسدة هذه على تحييد الجذور الحرة (Free radicles) في الجسم، وتقليل الضرر التأكسدي الذي تسببه للخلايا وتعزيز الصحة العامة وتمنع تشكل الخلايا السرطانية، وتقلل من خطر الإصابة بالسرطان وتمنع الشيخوخة المبكرة للجلد والأمراض المزمنة الخطيرة الأخرى.

كما يحتوى الكرفس أيضا على محتوى غني بالأبيجينين (Apigenin)، ولقد أثبتت الدراسات أن الأبيجينين تقلل من خطر الإصابة بالسرطان وتثبط الخلايا الخبيثة. 

خفض ضغط الدم:

يُعد الكرفس مصدراً رائعاً للبوتاسيوم والمغنيسيوم والألياف الغذائية والفيتامينات ومضادات الأكسدة وله تأثير مدر للبول (Diuretic)، وهي عناصر تساهم جميعها في تنظيم ضغط الدم، ودعم صحة القلب.

بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الكرفس على مركب نباتي يُسمى الفثاليد(Phthalide)  والذي يعمل على استرخاء جدران وعضلات الشرايين الملساء في الأوعية الدموية، مما يحسن تدفق الدم، ويخفض ضغط الدم بشكل طبيعي، كما أن محتواه من الصوديوم منخفض؛ مما يجعله خياراً مثالياً للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية.

دعم صحة القلب والأوعية الدموية وخفض الكوليسترول:

الكرفس غني بمضادات الأكسدة مثل فيتامين ج وبيتا كاروتين (Beta - carotene) والفلافونويد، والتي تساعد في تقليل الإجهاد التأكسدي والالتهابات، وهي عوامل رئيسية في أمراض القلب والأوعية الدموية.

كما تساهم المركبات مثل الفثاليدات الموجودة في الكرفس في خفض ضغط الدم، وتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية.

يمكن أن يساعد محتوى الألياف في الكرفس أيضًا في الحفاظ على مستويات الكوليسترول الصحية، حيث يقلل الكرفس من نسبة الكوليسترول الضار في الدم (LDL) والتي قد تسبب انسداد الشرايين وبالتالي يقلل الترسبات على جدران الشرايين مما يساهم في تحسين صحة القلب بشكل عام، كما أن الألياف الموجودة في الكرفس تعمل على إزالة الكوليسترول من الجسم مع حركة الأمعاء المنتظمة.

يحتوي الكرفس على مادة الصابونين (Saponin) ومضادات الأكسدة، والتي يمكن أن تساعد في خفض نسبة الكوليسترول السيئ في الدم. ويمكن لهذه الخصائص أن تقلل من تراكم الكوليسترول في الشرايين، وتقلل من خطر الإصابة بتصلب الشرايين أو النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.

تحسين صحة الجهاز الهضمي:

يُعد الكرفس مصدراً ممتازاً للماء وللألياف الغذائية التي تُعتبر ضرورية لصحة الجهاز الهضمي، والتي تعمل الألياف كغذاء للبكتيريا النافعة في القولون، مما يعزز صحة الجهاز الهضمي بشكل عام.

كما يدعم الكرفس عملية الأيض ويمنع المشاكل التي قد تحدث نتيجة تناول الكثير من الأطعمة الحمضية عن طريق تنظيم التوازن القلوي في الجسم. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك مضادات الأكسدة ومضادات الالتهاب (Anti - inflammatory) الموجودة في الكرفس تأثيراً وقائياً على كامل الجهاز الهضمي.

كما يدعم محتوى الكرفس العالي من مضادات الأكسدة صحة المعدة، فيمنع حالات مثل حرقة المعدة وقرحة المعدة، وقد يساهم مركب (Apiuman) في تقليل خطر الإصابة بقرحة المعدة وتحسين بطانتها وتعديل إفرازاتها.

كما يساهم الكرفس أيضا فى تخفيف اضطرابات الجهاز الهضمي والتقليل من خطر الإمساك والغازات، وسرعة التخلص من الفضلات والسموم.

كما تشير بعض الدراسات العلمية إلى أن الكرفس يمكن أن يكون له تأثير وقائي للكبد لأنه يتفاعل بشدة مع الأضرار الحية التي يسببها كل من الأسيتامينوفين (Acetaminophen) ورباعي كلوريد الكربون (Tetrachloromethane)، علاوة على ذلك، فإن الكرفس يقلل من الارتفاع السريع لعلامات السمية الكبدية، مثل الفوسفاتيز القلوية ((Alkaline phosphatase وإنزيمات الكبدALT  و AST.

إدارة متلازمة التمثيل الغذائي:

لقد ثبت أن الكرفس فعال في علاج متلازمة التمثيل الغذائي (Metabolic syndrome, MetS)، وهي مجموعة من الحالات بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم، وخلل شحميات الدم، والسمنة البطنية، وارتفاع سكر الدم. وتساعد المكونات النشطة في الكرفس، مثل المركبات الفينولية (Phenolic compounds) ومضادات الأكسدة، على تحسين عمل الأنسولين (Insulin)، والجلوكوز، واستقلاب الدهون (Fat metabolism)، مما يجعله إضافة غذائية مفيدة لأولئك المعرضين لخطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي.

خفض الوزن:

يُمكن أن يساعد الكرفس على خسارة وإنقاص الوزن ومقاومة السمنة فهو يحتوي على نسبة منخفضة جدًا من السعرات الحرارية، كما يحتوي على نسبة قليلة جداً من الدهون والكربوهيدرات مما يجعله وجبة خفيفة مثالية في الحميات الغذائية، بجانب محتواه الغني بالألياف وإحتواءه على مادة الآبيول (Apiole) مما يساعد في الشعور بالجوع لوقت طويل ويقلل الرغبة في تناول الطعام، كما أن محتواه عالى من الماء يجعله خيارًا ممتازًا للترطيب والشعور بالشبع.

كما أن للكرفس تأثير مدر للبول بشكل طبيعي، وعند إضافته إلى نظام غذائي صحي ومتوازن، يمكن أن يساعد في تقليل احتباس السوائل، مع توفير الفيتامينات الأساسية للجسم. 

تعزيز وتقوية الجهاز المناعى:

الكرفس مصدر غني بالفيتامينات والمعادن الأساسية، بما في ذلك الفيتامينات أ (Vitamin A)، ب1 (Vitamin B1)، ب2 (Vitamin B2)، ب6 (Vitamin B6)، ج، ه (Vitamin E)، ك (Vitamin K)، بالإضافة إلى الحديد والكالسيوم والفوسفور والمغنيسيوم والزنك، حيث تساهم هذه العناصر الغذائية في تقوية وتعزيز جهاز المناعة في الجسم ويجعله أكثر نشاطاً وكفاءة.

بالإضافة إلى خصائصه القوية المضادة للأكسدة والفيتامينات، فهو يحتوي على كميات كبيرة من البوليفينول (Polyphenols). وبفضل مساهمته في تعزيز عمل الجهاز المناعي، فهو فعال ضد أمراض الشتاء وخاصةً ضد حالات مثل نزلات البرد والإنفلونزا. 

مكافحة الإلتهابات:

يحتوي الكرفس على العديد من المواد الكيميائية النباتية، بما في ذلك الأحماض الفينولية (Phenolic acids) والفلافون (Flavone) والفلافونول (Flavanol)، والتي لها خصائص مضادة للإلتهابات، يمكن لهذه المركبات أن تقلل من نشاط السيتوكينات (Cytokines) المسببة للإلتهابات، وبالتالي تمنع الإلتهاب.

تشير الدراسات إلى أن بعض المركبات الموجودة في الكرفس، وخاصة في الأوراق والبذور، قد تساهم في تقليل الالتهاب عن طريق التأثير في الجهاز المناعي، ومن أشهر هذه المركبات الأبيجينين، واللوتيولين (Luteolin)، وحمض الكافيك، وحمض الكوماريك، وحمض الفيروليك، والتانين (Tannins) وغيرها، مما قد يجعله مفيداً في مكافحة العديد من الأمراض الإلتهابية، مثل الروماتيزم.

كما يقلل الكرفس من التهابات الرئة، أو الربو، والتهاب المفاصل، وهشاشة العظام، كما يمكن للأشخاص الذين يعانون من النقرس والتهاب المفاصل وارتفاع حمض البوليك تناول الكرفس.

تعزيز صحة الجهاز العصبي والدماغ:

أشارت إحدى الدراسات إلى أن الفلافونويد الموجودة في الكرفس يعمل على تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، وتجديد الأنسجة العصبية، والحد من خطر تلفها، حيث يساهم الكرفس في وقاية خلايا الدماغ من تأثير عدم وصول الأكسجين الكافي الذي يسببه عدم وصول الدم الكافي لهذه الخلايا.

كما يساهم الكرفس في صحة الدماغ، حيث تدعم مضادات الأكسدة والمعادن مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم عمل الدماغ والجهاز العصبي ويساهم في عمله بشكل طبيعي.

كما يعمل الكرفس على معالجة الأرق فهو يخفف الكثير من الإجهاد حيث أن المغنسيوم والزيوت العطرية الموجودة فيه تعمل على تهدئة الجهاز العصبي.

تشير بعض الدراسات التي أجريت على فئران التجارب إلى أن مركبات معينة مستخلصة من بذور زهرة الكرفس قد تحسن مهارات التعلم والتفكير والذاكرة، وهذا ما جعل العلماء يفكرون بها كوسيلة علاجية أو وقائية من مرض ألزهايمر (Alzheimer's disease)، ولكن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات لتأكيد هذه الفوائد على البشر.

مُدر طبيعي للبول:

يحتوي الكرفس على نسبة عالية من الماء والبوتاسيوم وله خصائص مدرة للبول مما قد يقلل من خطر الإصابة بالتهابات المسالك البولية وحصى الكلى.

فهو من الأطعمة التي تساعد في تقليل احتباس السوائل في الجسم، مما يُسهم في تنظيف الجسم من السموم والفضلات بشكل طبيعي.

وجد أن بذور الكرفس تساعد في الوقاية من إلتهابات المسالك البولية ومشاكل الكلى واضطرابات المثانة لأنها تساعد في القضاء على حمض اليوريك (Uric acid) لخواصها المدرة الطبيعية للبول مما يساعد على طرد السموم.

كما أن الكرفس يعد مدرا للبول، ويرجع ذلك أساسًا إلى الزيت المتطاير أبيول (Apiole)، والذى يجعله مفيدًا لعلاج التهابات المسالك البولية .

تخفيض مستويات السكر في الدم:

يحفز الكرفس البنكرياس على إفراز الأنسولين وتنظيم سكر الدم وبالتالي يمكن استعماله بهدف تخفيض مستويات السكر في الدم بسبب محتواه من الألياف وخصائصه المضادة للأكسدة.
قد يكون تضمينه في النظام الغذائي مفيدًا للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري أو ما قبل السكري.

تعزيز صحة العين وصحة الجلد:

يساعد الكرفس في الحفاظ على صحة العين ويقلل من فرص الإصابة بالمياه البيضاء ويحمي من التنكس البقعي لدى كبار السن (Age-related Macular Degeneration) لاحتوائه على فيتامين أ ومجموعة من العناصر الغذائية التي تمنع الضمور وتحمي العين.

كما تساهم مضادات الأكسدة الموجودة في عصير الكرفس في تحسين صحة الجلد من خلال مكافحة الإجهاد التأكسدي (Oxidative stress) والحفاظ على ترطيب البشرة بشكل عام، ويعد عصير الكرفس مصدرًا جيدًا للترطيب نظرًا لمحتواه العالي من الماء، مما يساعد على تجديد السوائل في الجسم.

كما أن عصير الكرفس مليء بالعناصر الغذائية الأساسية، بما يشمل الفيتامينات والمعادن المختلفة. 

محاذير وأضرار محتملة للكرفس:

لا ينصح بشرب أكثر من كوب واحد من عصير الكرفس في اليوم، كما يفضل عدم شربه بشكل يومي، فعلى الرغم من فوائد عصير الكرفس العديدة، إلا إنه له بعض الأضرار ومنها: قد يُسبب الإفراط في تناول الكرفس بعض المشاكل الهضمية مثل، الإنتفاخ والغازات، تهيج المسالك البولية، أو تهيج الجلد.

قد تحتوي بعض أنواع الكرفس على كميات زائدة من المبيدات الحشرية الخطيرة، ولكن يُمكن تقليل خطر التعرض لها من خلال غسل الكرفس جيدًا قبل تناوله.

كما يحتوي الكرفس على مادة الأوكسالات (Oxalates)، التي قد تكون ضارة بالكلى عند تناولها بكميات كبيرة جدًا.

تحتوي بذور الكرفس على أعلى مستويات من مسببات الحساسية، والتي لا يتم تدميرها أثناء الطهي، لذلك يجب على أي شخص لديه حساسية غذائية معروفة تجنب الكرفس تماماً.

كما يجب على الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى أو أثناء الحمل استشارة الطبيب قبل تناوله. 

الدكتورة فاطمة على أحمد - نائب رئيس مركز بحوث الصحراء السابق للبحوث والدراسات والمشروعات