أ
أ
تسعى وزارة الزراعة المصرية، ممثلة في مركز البحوث الزراعية ومعهد بحوث البساتين، بقوة نحو التوسع في محليًا، بهدف تلبية احتياجات الاستهلاك المتزايدة وتقليل فاتورة الاستيراد التي تستنزف ملايين الدولارات سنويًا.
فمصر تستورد ما يقرب من 70 ألف طن من القهوة سنويًا، وهو ما يستوجب إعادة النظر في زراعة المحاصيل النوعية المتميزة.
إحياء تراث زراعي بجهود بحثية مكثفة
أكدت تقارير مركز البحوث الزراعية أن فكرة أقلمة زراعة البن في مصر ليست وليدة اليوم، فقد بدأت أولى مراحلها البحثية في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وتُعد هذه الجهود إحياءً لتراث زراعي مصري عريق.وصرح الدكتور أيمن حمودة، مدير معهد البساتين السابق، أن الأبحاث مستمرة منذ عام 2023 لتقصير فترة إنبات بذور البن من 50-70 يومًا إلى فترة أقصر، وذلك لتوفير الوقت وسرعة توفير الشتلات للمزارعين والمستثمرين. كما يتم التركيز على الإكثار الخضري للحفاظ على تطابق الأصناف وتقصير العمر الإنتاجي للأشجار.
وأشار حمودة إلى النتائج المبشرة لنجاح التجربة، حيث وصلت إنتاجية الشجرة الواحدة إلى ما بين 7-9 كجم تحت ظروف الزراعة المكشوفة، وهو معدل إنتاجية مرتفع. ويجري حاليًا دراسة مقارنة بين زراعة الأشجار تحت نظام التغطية والزراعة المكشوفة لتحديد أفضل المناطق الملائمة لإنتاج قهوة مصرية بجودة عالية.

التغيرات المناخية تدعم زراعة البن في الأراضي المصرية
أوضحت الدكتورة نهاد مصطفى، أستاذ البن في معهد بحوث البساتين، أن التغيرات المناخية، خاصة ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة الجوية النسبية في مصر، أصبحت تلائم نمو وتزهير وعقد ثمار الفواكه الاستوائية عمومًا، ومنها البن، وأضافت أن هذه التغيرات تشجع الدول على زراعة البن خارج المناطق الاستوائية، وهو ما يصب في مصلحة مصر.كما أشارت مصطفى إلى أن هناك إقبالًا متزايدًا من المزارعين على زراعة البن بشكل تجريبي، وهناك تجارب فردية ناجحة في أماكن متفرقة مثل إدكو بالبحيرة، والإسماعيلية، والقليوبية، وأسيوط، والمنيا.

توصيات فنية لزراعة البن: طريقك إلى أعلى إنتاجية
لضمان أعلى إنتاجية من زراعات البن في مصر، يقدم معهد بحوث البساتين مجموعة من التوصيات الفنية:الظروف المناخية: تحتاج أشجار البن إلى درجة حرارة معتدلة إلى مرتفعة نسبيًا ورطوبة جوية عالية صيفًا، ومناخ خالٍ من الصقيع شتاءً.
نوع التربة: تجود زراعة البن في الأراضي الطميية إلى الرملية الخفيفة، مع ضرورة تعديل حموضة التربة باستخدام الأحماض العضوية نظرًا لأن معظم الأراضي المصرية قلوية.
الزراعة والتظليل: يُفضل زراعة البن تحت ظلال الأشجار العالية مثل الأفوكادو، المانجو، النخيل، أو الأشجار الخشبية، أو تحت بيوت شبكية (سيران) مع وجود الري الضبابي لحماية النباتات من أشعة الشمس المباشرة التي قد تسبب احتراق الأوراق وتؤثر على جودة الثمار.
الري: يجب الانتظام والاعتدال في الري.

مسافات الزراعة: يُنصح بمسافات زراعة تتراوح بين 2.5×3 أمتار أو 3×3 أمتار، مما يسمح بزراعة 250-300 شتلة في الفدان الواحد.
التسميد والتقليم: تم التوصل من خلال الأبحاث إلى أنسب معدلات التسميد (NPK) وأنسب طرق تقليم لأشجار البن لضمان تحقيق أعلى إنتاجية وجودة.
فترة الإنتاج: تبدأ شجرة البن في الإثمار بعد ثلاث أو أربع سنوات، وتعطي محصولًا جيدًا بعد 5 سنوات من الزراعة في الأرض المستديمة.
الحصاد: تستغرق الثمار من 7-11 شهرًا من بداية التزهير حتى النضج حسب الصنف والظروف المناخية، وتحصد عند تلونها باللون الأحمر الزاهي.

إكثار البن: طرق متنوعة لزيادة الإنتاج
قدمت الدكتورة أميرة حسن، الباحث في معهد بحوث البساتين، شرحًا لطرق إكثار البن:الإكثار بالبذور: تتم زراعة البذور في المشتل في صفوف داخل أحواض، ويمكن تقصير فترة الإنبات من 70 يومًا إلى 6-7 أيام بمعاملة البذور بمواد مثل بنزيل الأدنين أو البوراكس، كما أن نقع البذور في محلول كبريتات الزنك أو المنجنيز يزيد من نسبة الإنبات.

الإكثار الخضري: يتم عبر:
التطعيم: نادرًا ما يُستخدم لأنه غير مجزٍ اقتصاديًا.العقل الورقية: العقل البرعمية التي تحمل برعمًا واحدًا تكون أكثر نجاحًا، وتُؤخذ من الفروع الساقية القائمة.
زراعة الأنسجة: تستخدم لإنتاج نباتات خالية من الأمراض الفيروسية، ولضمان تطابق الأصناف، وتُعد وسيلة سريعة للإكثار.
مع استمرار الأبحاث وتطبيق هذه التوصيات، تتطلع مصر إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي جزئيًا من البن، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتقديم منتج مصري بجودة عالمية.
