أ
أ
اعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة اليوم، 9 مايو 2025م، الموافق 11 ذو القعدة 1446هـ، تحت عنوان: «إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه»، في إشارة واضحة إلى واحدة من أخطر القضايا التي تواجه المجتمعات الإسلامية المعاصرة، وهي: تحريف معاني القرآن الكريم وتأويله على غير وجهه الصحيح.
خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف
ويهدف موضوع خطبة الجمعة اليوم لوزارة الأوقاف إلى توعية الناس بكيفية تصدي القرآن الكريم للشبهات الفكرية المراد من خلالها تشويه الإسلام أو زعزعة ثوابت الدين، مع التأكيد على ضرورة أن يكون المسلم على وعي تام بكيفية التعامل مع هذه الشبهات، سواء كانت المثارة عبر وسائل الإعلام أو منصات التواصل أو على أيدي البعض المتصدرين للحديث في الدين دون علم.موضوع خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف
ويأتي موضوع خطبة الجمعة اليوم لوزارة الأوقاف في وقت تزداد فيه محاولات استغلال النصوص الدينية، وخاصة القرآن الكريم، من قبل بعض الأفراد أو الجماعات التي تسعى إلى تسويق أفكار مغلوطة أو متطرفة، سواء بدافع التشدد أو بدافع التشكيك.وحذرت «الأوقاف» من خطورة مثل هذه الممارسات، التي قد تؤدي إلى فهم خاطئ للدين، أو إلى نشر الفتن الفكرية بين الشباب، كما تشير الخطبة إلى أهمية الرجوع إلى أهل العلم الموثوقين في تفسير القرآن، وضرورة التأكد من صحة ما يُنشر أو يُقال باسم الدين.
وتؤكد الخطبة أن القرآن الكريم حصن منيع ضد كل ما يشوه صورة الإسلام أو يحرف مقاصده، إذا ما فُهم فهماً صحيحاً، واستقى التفسيرات من مصادرها الصحيحة والموثوقة، حيث تدعو الخطبة إلى تحصين العقل المسلم بالفهم الصحيح للقرآن باعتباره الخط الأول في مواجهة الفكر المتطرف، والشبهات المشوشة.

نص خطبة اليوم الجمعة مكتوب:
إنَّ ما أتخوَّفُ عليكم رجُلٌ آتاه الله القُرآنَ فغيَّر معناه
بتاريخ 11 ذو القعدة 1446هـ – 9 مايو 2025مالحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي و يميت ، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز: ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سورة الأعراف.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقدره العظيم.
أيها المسلمون، فما أوتي عبد نعمة هى أعظم من نعمة الإسلام، وما أوتي مسلم من نعمة هى أعظم من نعمة أن يمنّ الله عليه بنعمة القرآن الكريم، وأي نعمة وفضل وكرم أعظم من أن يهبك الله نعمة القرآن حفظاً وفهماً وعملاً؟ وصدق الله العظيم حين قال: ((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)) سورة فاطر (32).
أيها المسلمون، ولكن الفوز العظيم والكبير، في الدنيا والآخرة، يكمن حين يثبّت الله عبده على فهم كتاب الله، فهماً صحيحاً، فهماً يليق بكتاب الله، وبسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن ينير الله سبحانه وتعالى للعبد بصيرته فلا يضل ولا يزيغ عن الحق، لأن الخسران المبين في الدنيا والآخرة، حين يصل الإنسان بعلمه فيضل ويضل، وما أروع قوله تعالى ((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)) سورة الجاثية (23 )، ولعل هذا الصنف من الناس هو المعنى بقوله صلى الله عليه وسلم ، كما أخرج ابن حبان وغيره بسند صحيح من حديث، حذيفة بن اليمان، أنه قال صلى الله عليه وسلم : ((إنَّ ما أتخوَّفُ عليكم رجُلٌ قرَأ القُرآنَ حتّى إذا رُئِيَتْ بهجتُه عليه وكان رِدْئًا للإسلامِ غيَّره إلى ما شاء اللهُ فانسلَخ منه ونبَذه وراءَ ظَهرِه …. الحديث )).
أيها المسلمون إنه لبلاء عظيم حين يفهم البعض نصوص القرآن الكريم تبعاً لأهوائهم، ولأغراضهم، التي يسعون ويبغون من خلالها، ومن ورائها تحقيق بطولات دنيوية، وهي بلا شك بطولات زائفة، بل هي في الحقيقة أوهن من بيت العنكبوت.
أيها المسلمون وإلى هؤلاء جميعاً الذين يتركون المنهج العلمي الصحيح في فهم كتاب الله، ويسيرون وراء أهوائهم، لهؤلاء جميعاً، أقدم لهم كلام أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد روى بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمرو أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمنُ أحدُكم حتّى يَكونَ هواهُ تبعًا لمّا جئتُ بِهِ))، وعند الترمذي وغيره بسند حسن من حديث، شداد بن أوس أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ المَوتِ والعاجِزُ مَن أتبَعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ)) وعند المنذري بسند صحيح من حديث أبى ثعلبة الخشنى قال ((في هذه الآيةِ: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ؟ قال: أما واللهِ لقد سألتُ عنها خبيرًا، سألتُ عنها رسولَ اللهِ ﷺ فقال: ائتمِروا بالمعروفِ، وانتَهوا عن المنكرِ حتّى إذا رأيتَ شُحًّا مُطاعًا وهوًى مُتَّبَعًا ودنيا مؤثِّرةً وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيِه، فعليك بنفسِك، ودَعْ عنك العوامَ، فإنَّ من ورائِكم أيّامًا، الصَّبرُ فيهنَّ مثلُ القبضِ على الجمرِ للعاملِ فيهنَّ مثلُ أجرِ خمسين رجلًا يعملون مثلَ عملِه)).
أيها المسلمون، إن محاولة البعض تشكيك الناس في معتقداتهم، وإثارة الفتن، ومحاولة الترويج لشبهات تصطدم بثوابت ديننا العظيم، وبالقيم والأخلاق التي تربينا ونشأنا عليها، لهو عمل لا يرضى الله سبحانه وتعالى، ولا يصلح أمماً، فعمل هؤلاء غير مأجور، وسعيهم غير مشكور، وكيدهم مكشوف غير مستور، ولكن اصنعوا ما شئتم! فهناك يوم النشور.
ولكننا بفضل الله سبحانه وتعالى، ننعم فى مصرنا الحبيبة بعلماء أجلاء فضلاء يتصدون لمثل هذه الشبهات، بالبراهين الساطعة والأدلة القاطعة، التي لا يستطيع الباطل فيها أن يصمد أمام الحق.
فسيظل القرآن الكريم بكل أحكامه وتشريعاته لا يستطيع أحد أن يحرّف أو أن يبّدل أو أن يغيّر، ما استقر فى وجدان الأمة من خلال القرآن الكريم، وهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فعلى سبيل المثال، الحجاب فرض كما قال تعالى: ((وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ)) سورة النور 31، وهو أمر ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وسيظل كذلك المعروف معروفاً والمنكر منكرا، رغم كل المحاولات التي يريد البعض من ورائها أن يلبسوا الحق لباس الباطل، والباطل لباس الحق، ولكن هيهات هيهات لأمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنساق لمثل هذه الدعاوى، وكيف لنا أن ننساق، وقد قال أحكم الحاكمين في وصف حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) سورة الأعراف (157).
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، إن محاولة البعض تحريف الكلام عن موضعه، وتأويله على غير مراده تعالى لهو أمر ليس بحديث عصرنا وأمتنا، وإنما تكرر مثله كثيراً في الأمم السابقة، كهذا المثال الذى ضربه الله سبحانه وتعالى لنا في القرآن الكريم، قال تعالى: ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سورة الأعراف.