في إطار رؤية الدولة الهادفة إلى بناء منظومة صحية حديثة ومستدامة، ترتكز على العدالة الاجتماعية وجودة الخدمة وحماية المواطنين من أعباء العلاج، نظّمت الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل ورشة عمل موسعة بالتعاون مع اتحاد بنوك مصر، بمشاركة ممثلين عن البنوك الأعضاء في الاتحاد بمحافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس، بهدف تعزيز الوعي المؤسسي بنظام التأمين الصحي الشامل، وتوضيح آليات تطبيقه، وخدماته، وموقفه التنفيذي، وآفاق التطوير المستقبلية.
وجاء تنظيم الورشة انطلاقًا من قناعة راسخة لدى الهيئة بأن تحقيق النجاح المستدام لأي منظومة قومية يبدأ بدراسة دقيقة للواقع المؤسسي، وصياغة أهداف واضحة قابلة للقياس، مع بناء شراكات فاعلة مع مختلف القطاعات، وفي مقدمتها القطاع المصرفي، باعتباره أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الوطني، وشريكًا أساسيًا في دعم الاستقرار الاجتماعي والمالي.
نظام التأمين الصحي الشامل
وتناولت الورشة شرحًا وافيًا حول نظام التأمين الصحي الشامل، باعتباره أحد أكبر مشروعات الإصلاح الصحي في مصر، حيث استعرض المتحدثون الخصائص العامة للمنظومة، وأهدافها الاستراتيجية، ومبادئها الأساسية القائمة على الفصل بين التمويل وتقديم الخدمة، وتعدد مصادر التمويل، وضمان الاستدامة المالية، مع إتاحة خدمات صحية متكاملة بجودة عالية لجميع المواطنين دون تمييز.
وشهدت الورشة مشاركة نخبة من القيادات الفنية والطبية والمالية بالهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، إلى جانب مديري الأفرع بمحافظات مدن القناة، ومديري إدارات شؤون المستفيدين، والتسجيل، والإصدار، وذلك في إطار حرص الهيئة على تعزيز التكامل المؤسسي، وتوحيد الرؤى، وتبادل الخبرات، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة، وتعزيز ثقة المواطنين في المنظومة.

كما شارك في الورشة أحمد الدمرداش رئيس اللجنة المشتركة للتأمين الصحي الشامل باتحاد بنوك مصر و رئيس مجموعة الأجور والمزايا بالبنك الأهلي المصري، والأستاذة هناء يوسف مدير عام قطاع الموارد البشرية بالبنك المركزي، وشارك من اتحاد بنوك مصر الأستاذ عمرو يوسف مدير عام الإتحاد، والأستاذة غادة صلاح مساعد مدير عام الإتحاد.
وافتتح فعاليات الورشة الأستاذ/ أحمد الدمرداش، مؤكداً حرص اتحاد بنوك مصر على دعم جهود الدولة في تطوير منظومة الرعاية الصحية، وتعزيز وعي العاملين بالقطاع المصرفي بمنظومة التأمين الصحي الشامل.
واستعرض الأستاذ عمرو زكي، رئيس الإدارة المركزية للشؤون المالية بالهيئة أهداف منظومة التأمين الصحي الشامل، ونسب الاشتراكات المقررة على الفئات المختلفة، وآليات احتسابها، بما يحقق التوازن بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية.
وأوضح ضوابط الإعفاء المقررة لغير القادرين، والفئات التي قامت المنظومة بتغطيتها رغم عدم تمتعها سابقًا بمظلة تأمينية شاملة، مثل أصحاب الأعمال وطلاب الجامعات، مؤكدًا أن النظام جاء ليسد فجوات تاريخية في التغطية الصحية، ويضمن حماية حقيقية لكافة شرائح المجتمع.
ومن جانبها، تحدثت الدكتورة هبة عاطف، رئيس الإدارة المركزية لشئون مقدمي الخدمة الصحية بالهيئة، عن آليات التعاقد مع مختلف القطاعات الصحية المعتمدة من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، مشيرة إلى أن إجمالي عدد مقدمي الخدمة المتعاقدين مع نظام التأمين الصحي الشامل بلغ 523 مقدم خدمة.
خدمات في مختلف أنحاء الجمهورية
وأوضحت، أن شبكة مقدمي الخدمات تمتد إلى مختلف أنحاء الجمهورية، وتشمل: 256 مركزًا ووحدة رعاية أولية، و166 مستشفى ومركزًا متخصصًا وعيادة خاصة، و17 صيدلية، و75 مركزًا للتحاليل والأشعة ومراكز للبصريات، بالإضافة إلى 23 مراكز وعيادات طبية متخصصة.
وأكدت، أن هذه الشبكة المتكاملة تسهم في إتاحة الخدمة للمستفيدين بأعلى مستويات الجودة، مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل، لافتة إلى أن وزارة الصحة والسكان تتكفل بتغطية الخدمات الوقائية، والإسعافية، وخدمات الأوبئة الكوارث، وبرامج التطعيمات، في إطار تكامل الأدوار بين مؤسسات الدولة.
بدوره، استعرض الدكتور أحمد صيام، مساعد المدير التنفيذي للشئون الفنية ومدير وحدة اقتصاديات الصحة، التطور الكبير الذي شهدته حزم الخدمات الطبية المقدمة ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل، مشيرًا إلى أن عدد الخدمات وصل إلى 3467 خدمة طبية، مع استمرار إضافة خدمات جديدة بشكل دوري، استجابة للاحتياجات الصحية المتغيرة للمواطنين.
قائمة حزمة الخدمات
وأوضح أن الهيئة تحرص على إصدار قائمة حزم الخدمات بصفة سنوية منتظمة، حيث تم إصدار ستة إصدارات منذ نشأة الهيئة، تعكس مراحل تطور المنظومة خلال سنواتها الأولى، وتواكب أحدث الممارسات الطبية والمعايير العالمية.
كما تناول الدكتور صيام أساليب وطرق حصول المستفيد على الخدمة داخل النظام، وآليات الإحالة بين مستويات الرعاية المختلفة، إضافة إلى شرح حالات استرداد تكلفة العلاج في الحالات الطارئة، تنفيذًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1063، موضحًا أن عدد التشخيصات الطارئة المعتمدة يبلغ 57 حالة.
وتحدث الدكتور أحمد بركات، رئيس الإدارة المركزية لشؤون المستفيدين، عن مراحل تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في محافظات بورسعيد، والأقصر، والإسماعيلية، وجنوب سيناء، والسويس، وأسوان.
وأوضح أن نسبة التسجيل في المحافظات التي تم تطبيق النظام بها بلغت 81.71%، بإجمالي عدد مستفيدين وصل إلى 5,231,341 مستفيدًا، وهو ما يعكس الإقبال المتزايد من المواطنين على المنظومة، وثقتهم في خدماتها.
طرق تسجيل المستفيدين
كما استعرض طرق تسجيل المستفيدين من خلال وحدات ومراكز التسجيل، ويتم تلقي الخدمات الطبية عن طريق الحجز من خلال الخط الساخن للهيئة 15433، وآليات الانتقال بين مستويات الخدمة المختلفة، فضلًا عن سبل التواصل المباشر بين مسؤولي الهيئة والمستفيدين من العاملين بالبنوك وأسرهم، لضمان سرعة الاستجابة وحل أي مشكلات قد تطرأ.
وشهدت الورشة جلسة نقاشية تفاعلية، تم خلالها تلقي أسئلة العاملين بالبنوك حول خبراتهم السابقة في التعامل مع الجهات الصحية المتعاقدة، وتطلعاتهم بشأن مستوى الخدمة داخل منظومة التأمين الصحي الشامل.
تساؤلات حول متوسط فترات انتظار المرضى
وفي ردها على تساؤلات حول متوسط فترات انتظار المرضى، أوضحت الدكتورة نسرين حسن، المستشار الفني للهيئة، أن فترات الانتظار في أغلب الحالات لا تتجاوز 72 ساعة، مؤكدة أن هذه المؤشرات يتم قياسها بشكل دوري، واتخاذ إجراءات مستمرة للتحسين.
وأشارت، إلى أن جميع المرضى المصابين بالأمراض المزمنة والأورام (طبقًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2273 لسنة 2021) يتم إعفاؤهم من المساهمة التي يتحملها المستفيد في إطار حرص الدولة على توفير الرعاية الصحية اللازمة لهذه الفئات دون تحميلهم أعباء إضافية.
وشارك في الورشة أيضًا كل من الدكتور محمد السباعي، مدير فرع بورسعيد، والدكتور أحمد عبد الرحمن، مدير فرع السويس، والدكتور السيد عبد الجواد، مدير فرع الإسماعيلية، إلى جانب مديري إدارات المستفيدين والتسجيل والإصدار بالمحافظات، حيث أكدوا أهمية هذه اللقاءات في توحيد المفاهيم، وتعزيز التواصل مع مختلف الجهات، ودعم التطبيق الفعّال للمنظومة على أرض الواقع.
وتأتي هذه الجهود في إطار سعي الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل إلى تحقيق متطلبات المواطنين الصحية، من خلال منظومة متكاملة تقوم على العدالة في إتاحة الخدمات، وضمان جودة الرعاية الصحية، وتوفير الحماية المالية للمستفيدين من أعباء وتكاليف العلاج.
وأكدت الهيئة أن التعاون مع اتحاد بنوك مصر يمثل نموذجًا ناجحًا للشراكة بين المؤسسات الوطنية، ويعكس حرصها على الوصول إلى مختلف الفئات المهنية، وتقديم الدعم الفني والتوعوي اللازم، بما يسهم في ترسيخ ثقافة التأمين الصحي الشامل، وتحقيق أهدافه الاستراتيجيةً، وصولًا إلى تغطية صحية شاملة لجميع المواطنين، وفق أعلى معايير الجودة والاستدامة.



