أ
أ
تُعد تربية النحل من المشاريع الزراعية المهمة ذات العائد الاقتصادي المرتفع، بشرط أن تتم بأسلوب علمي مدروس، مع فهم كامل لكل جوانب الرعاية، وحماية الطوائف من الأمراض والآفات الفتاكة.
فالعسل، وهو المنتج الرئيسي للنحل، يتمتع بقيمة غذائية ودوائية عالية، مما يجعله من السلع المرغوبة في الأسواق المحلية والدولية. ومع ذلك، فإن جودة العسل تتعرض أحيانًا للخطر بسبب ممارسات الغش، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.
الغش غير المباشر: تغذية النحل بالسكريات الصناعية
من أخطر أنواع الغش وأكثرها صعوبة في الاكتشاف هو الغش غير المباشر، والذي يتم من خلال تغذية نحل العسل بشراب سكري صناعي (مثل شراب الذرة عالي الفركتوز أو السكروز) أثناء فترات نشاط الحضانة الطبيعي، مما يؤدي إلى إنتاج عسل غير نقي دون إضافة مواد خارجية مباشرة للعسل.ولتحديد هذا النوع من الغش، تم تطوير تقنية كروماتوغرافيا تبادل الأنيون عالية الأداء مع الكشف بقياس النبض (HPAEC-PAD)، والتي تساعد على تحليل تركيب السكر في العسل.
وقد تم اختبار هذه التقنية باستخدام عينات عسل مضاف إليها ما بين 10% و40% من أنواع مختلفة من الشراب الصناعي، وأظهرت نتائج التحليل كفاءة عالية في التمييز بين العسل النقي والمغشوش بنسبة دقة بلغت 96.5% باستخدام التحليل الكنسي وتحليل التمييز الخطي.
كما تم استخدام تقنية كروماتوغرافيا الغاز (GC) المقترنة بـ قياس الطيف الكتلي (GC-MS) لتحليل شراب الذرة عالي الفركتوز وشراب السكروز، وكشف مواد مثل الفركتوزيل-فركتوز والفركتوزيل-جلوكوز، التي تم رصدها أيضًا في العسل المنتج من النحل المتغذي على هذه العصائر، وإن كان بمستويات متفاوتة.
الغش المباشر: الإضافة المباشرة للمواد غير الطبيعية
الغش المباشر يحدث عند إضافة مواد خارجية مباشرة إلى العسل بهدف زيادة الكمية أو تقليد صفات العسل الأصلي. وغالبًا ما يتم اكتشاف هذا النوع من الغش عبر التحليل الكيميائي والفيزيائي لمكونات العسل.لكن على الرغم من فعالية هذه الطرق، إلا أنها تعاني من عدة عيوب، منها استغراق وقت طويل في إعداد العينات، والحاجة إلى أجهزة تحليل متقدمة ومكلفة.
تقنيات حديثة لكشف الغش
مع تطور التقنيات، ظهرت أساليب تحليلية متقدمة ساعدت بشكل كبير في كشف حالات الغش، ومنها:قياس نسب نظائر الكربون المستقرة (C-IRMS)
الرنين المغناطيسي النووي (NMR)
المسعرات التفاضلية
كروماتوغرافيا الغاز والسائل بأنواعها المختلفة
تُستخدم هذه الأدوات الحديثة في فحص السكريات المكونة للعسل، ورصد أية انحرافات في نسبها قد تشير إلى إضافة سكريات غير طبيعية.
بينما تبقى تربية النحل مشروعًا واعدًا من الناحية الاقتصادية، فإن ضمان جودة العسل يمثل تحديًا كبيرًا، خاصة في ظل ممارسات الغش المتزايدة. وهنا تأتي أهمية التقنيات التحليلية الحديثة في التحقق من نقاء العسل، وحماية المستهلك، والحفاظ على سمعة العسل الطبيعي كمصدر غذائي وصحي موثوق.
