يُعد العسل من الأغذية الطبيعية الفريدة التي تتميز بتركيبة غذائية غنية. وقد عُرف منذ العصور القديمة ليس فقط كمصدر للطاقة والحلاوة، بل كمادة علاجية استخدمت في الطب التقليدي لعلاج مشاكل المعدة، والجفاف، والحساسية، وتلف الخلايا، إضافة إلى دوره في العناية بالبشرة والشعر، بفضل خصائصه القابضة والمطهرة.
ولا يزال العسل يُستخدم حتى اليوم في تركيبات غذائية متنوعة، حيث يُعتبر بديلًا صحيًا للسكر في ظل تزايد وعي المستهلكين بأهمية تقليل السكريات المصنعة.
يمتاز العسل بخصائص علاجية موثقة، منها النشاط المضاد للبكتيريا والفيروسات، والقدرة على التئام الجروح ومقاومة الأكسدة. هذه الصفات تجعله عنصرًا مهمًا في تطوير المنتجات الغذائية الصحية، والتي أصبحت تحظى بإقبال واسع من المستهلكين حول العالم.
وقد أدى هذا الاهتمام إلى ابتكار العديد من المنتجات التي يدخل العسل ضمن مكوناتها، مثل حلوى العسل، والمُدهنات، وخبز العسل، ولبن العسل، ورقائق الحبوب المحلاة بالعسل، بالإضافة إلى المشروبات التي تعتمد عليه كمُحلي طبيعي.
العادات الغذائية الحديثة وأثرها على الصحة
أثرت وتيرة الحياة المتسارعة في العصر الحديث بشكل مباشر على العادات الغذائية، مما أدى إلى انتشار أنماط تغذية غير صحية وانعكاسات سلبية على الصحة العامة. في هذا السياق، يبرز العسل كعنصر غذائي مثالي يجمع بين الطعم اللذيذ والفوائد الصحية. إن المفهوم القائل بأن "الطعام يجلب الإشباع، والتوفيق بين المتعة والصحة يُعد تحديًا" يعكس بوضوح الصراع اليومي للمستهلك بين التذوق والاعتدال.
ونتيجة لازدياد الوعي الغذائي، يتجه المستهلكون بشكل متزايد نحو المنتجات الوظيفية والصحية، ما أدى إلى توسع سوق الأغذية الصحية.

ويُعرف العسل باحتوائه على مركبات نشطة بيولوجيًا تتمتع بقدرات مضادة للأكسدة، ما يعزز من قيمته كعنصر غذائي علاجي، سواء تم استخدامه منفردًا أو مع مكونات غذائية أخرى.
دهن العسل: منتج مبتكر لتلبية الطلب المتزايد
أدى تزايد الطلب على الأغذية الصحية إلى تطوير منتجات جديدة يدخل فيها العسل كمكون رئيسي، ومن أبرزها "دهن العسل". يتم تحضير هذا المنتج بخلط مكونات متنوعة تشمل السكر، الحامض، والبكتين، وتسخينها في ظروف دقيقة ومضبوطة.
يُستخدم دهن العسل على نطاق واسع في الوجبات اليومية، وخاصة مع الخبز والسندويشات، كما يمكن تعزيز قيمته الغذائية بإضافة الفواكه مثل الجوافة.
في إحدى الدراسات، قام باحثون بإعداد دهن الجوافة بالعسل بنسبة 1:2 (عسل: لب الجوافة)، وكانت النتيجة منتجًا ذا مدة صلاحية تجاوزت 150 يومًا مع زيادة في القيمة الغذائية.
كما أظهرت دراسة أخرى على دهن اللحم المُضاف إليه العسل ارتفاعًا ملحوظًا في محتوى البروتين، والقدرة على الطهي، وسهولة الفرد، مقارنة بالأنواع الخالية من العسل. وقد سجل الدهن المحتوي على 3% من العسل أفضل النتائج من حيث الطعم، الملمس، والمظهر العام.
كما طُورت تركيبات أخرى مثل دهن الشعير بالعسل بمستويات مختلفة، بالإضافة إلى منتج "دهن العسل بزيت الزيتون" الذي قدمه باحثون كمزيج يجمع بين القيم الغذائية والفوائد الصحية لكلا المكونين.
إن العسل ليس مجرد مادة للتحلية، بل عنصر غذائي متكامل يحمل إمكانيات واسعة في مجال تصنيع الأغذية الصحية. تتعدد استخداماته لتشمل منتجات المخابز، والمشروبات، والحلويات، إلى جانب تركيبات غذائية جديدة ذات قيمة مضافة.
ومع تزايد وعي المستهلكين بأهمية الغذاء في دعم الصحة، يُتوقع أن يستمر العسل في لعب دور محوري في تطوير صناعات الأغذية الوظيفية.
